تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح حين ذكر كثرة عمل الخوارج فقال:

" يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم، وقراءته إلى قراءتهم، يقرؤون القرآن لايجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " وهذا الشاهد.

أليسوا من أكثر الناس صلاةً وصياماً وقراءة للقرآن؟

بلى.

ولكن اتباع السنة وإتقان العمل وتصويبه أفضل عند الله وإن قل من كثرته لو كان مجانباً للسنة فاعلاً للبدعة.

وأصدق دليل على ذلك ما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث انس رضي الله عنه قال:

جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. "

والشاهد من الحديث: (كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا)

وما أجمل ما ذكره الإمام احمد رحمه الله في الزهد (صـ 196) عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه قال: " اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في البدعة "

وأخرج الحاكم رحمه الله في مستدركه (1/ 103) من قول ابن مسعود رضي الله عنه، قال: " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة ".

فإذا عُلِم هذا ..

فإحسان العبادة، وإتقانها هو عين الأمر المأمور به العبد، وهي الجنة التي في الدنيا، ومن لم يدخلها بحق فليس يدخل جنة الآخرة.

نسأل الله العلي الكريم من فضله.

والله أعلم

محبكم

أبو العالية

عفا الله عنه

ـ[منصور مهران]ــــــــ[15 Sep 2006, 12:50 ص]ـ

ورد في كلام ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها. وذلك ترغيبا في إحسان الأداء وإتمام الأركان، وإتقان ذلك كله وُصْلة إلى الثمرة المرجوة منها؛ أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.

ولما كان الإحسان شيئا فوق العادة اختصه جبريل -عليه السلام - بالسؤال في سياق أسئلته عن أصول الدين في الحديث المشهور، وجاء جواب الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وفيه أجمل توجيه لإتقان العمل إرضاء لله وهو يراك، ويكون هذا دأب المسلم أبدا لأنه لا يرى ربه ولكن الله يرى عباده وكان الله عليهم رقيبا، فيحفزه ذلك على إحسان العبادة وسائر أعماله لا يبتغي بها غير وجه ربه الكريم.

وقد يرى بعض أهل العلم فرقا بين الإحسان والإتقان، حيث يعدون الإتقان هو إتمام الأركان على الوجه المطلوب وفق الشروط وأصول الأداء، أما الإحسان فيشمل ذلك وزيادة أن يكون العمل بلا مطمع دنيوي أدناه الرياء وأقصاه التحايل، وهذان الأمران لا يخفى على الله من دوافعهما شيء فلا يستطيع العبد تخفيا عن ربه ولا تحايلا كالذي يدور به بين الناس، وحسبك من الحديث: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) لأن الصوم لا يتم إلا بصلة خفية بين العبد وربه، فلو تظاهر أحد من الناس بصومه ولكنه عندما يخلو إلى نفسه يطعم الطعام لا يكون بذلك صائما ولا تسقط عنه الفريضة، بينما لو تظاهر بالصلاة أمام الناس واداها وفق شروطها سقطت عنه الفريضة وحسابه بعد ذلك عند ربه على قدر نيته، فانظر يا رعاك الله فرق ما بين الإحسان والإتقان، وعليه يرد معنى الحديث: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) بمعنى أن يؤدي العمل كم يجب أن يكون لتقوم الثقة بين الناس مقام الرقيب فلنا الظاهر والله يتولى السرائر، هذه عجالة لفكرة عابرة خشيت عليها من الشتات فجعلتها لعيونكم بارزة لعل أحدكم أن يكون أفصح مني لسانا فيرشدني إلى صوابٍ ضل عني والله يرعاكم.

ـ[أبو العالية]ــــــــ[16 Sep 2006, 09:48 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلاة على رسول الله، وبعد ..

جزاك الله خيراً أخي الكريم؛ فالفائدة والمَلْحَظُ طيِِِِِِِِّب، وخاطرة مباركة.

نفع الله بك.

ـ[الموحد 2]ــــــــ[19 Sep 2006, 02:58 ص]ـ

جزاك الله خيراً ... أخي الفاضل أبي العالية،

وقلوبنا والله بحاجة ماسة إلى مثل هذه المواعظ والقوارع بين الفينة والأخرى،

فابليس يوسوس مع كل فكرة وخطرة وهمّة .. وكل عمل نعمله، فلا بد أن تكون المضادات له قوية مع كل وسوسة.

شكراً لكَ ... وأسأل الله أن يحفظكَ في حلّك وترحالك.

أخوك المحب ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير