تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وبناء {كُتب} للمفعول في هذه المكتوبات الثلاثة، وحذف الفاعل للعلم به، إذ هو: الله تعالى، لأنها مشاق صعبة على المكلف، فناسب أن لا تنسب إلى الله تعالى، وإن كان الله تعالى هو الذي كتبها، وحين يكون المكتوب للمكلف فيه راحة واستبشار يبني الفعل للفاعل، كما قال تعالى:

{كتب ربكم على نفسه الرحمة}

{كتب الله لأغلبن أنا ورسلي}

{أولئك كتب في قلوبهم الإيمان}

وهذا من لطيف علم البيان.

أما بناء الفعل للفاعل في قوله:

{وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}

فناسب لاستعصاء اليهود وكثرة مخالفاتهم لأنبيائهم بخلاف هذه الأمة المحمدية، ففرق بين الخطابين لافتراق المخاطبين،"انتهى.

-أما النكتة الثانية فمدارها على مقصدية التخفيف أيضا لأن إظهار الفاعل يوحي بالقهر والسلطة والإلزام ..... وهذا لا يتناسب مع السياق العام: سياق الرحمة والمودة.

4 - كما كتب على الذين من قبلكم.

المواساة هنا تتحقق بالمساواة ... على القاعدة الشهيرة:"إذا عمت هانت".والإنسان بطبعه يستوحش ما لم يجرب من قبل ويستأنس بما درج الناس على فعله ...... فجاءت الآية لتقرر أن هذا التكليف قد وقع من قبل على آخرين ...... فليبس من اللائق بكم أن تتخلفوا عنهم وأنتم أفضل منهم.

.

5 - لعلكم تتقون.

حذف المفعول به هنا بليغ جدا ..... لأن النفس تذهب في التقدير مذهبين:

- تتقون الأكل والشرب والجماع في وقت وجوب الصوم، كما قال السدي.

- سبب فرضية الصوم هو رجاء حصول التقوى لكم، فتدخلون في زمرة المتقين، لأن الصوم شعارهم، أو تجعلون بينكم وبين النار وقاية بترك المعاصي.

الاحتمال الأول وارد على القراءة الفقهية التكليفية حيث يكون المعنى هو تحديد معنى الصوم الشرعي.

أما الاحتمال الثاني فينضم إلى كوكبة الايحاءات النفسية التخفيفية ...... لآن نصب الغاية ورفعها من شأنها التخفيف عن النفس والتهوين من مشقة الوسيلة ..... على مبدأ "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل."

بهذا التشريف والحظوة والرفع من الروح المعنوية يتم المسلك الأول ويكون بعده الانتقال إلى المسلك الثاني (مسلك التهوين) لتتحقق مقصدية التخفيف بكل الأساليب.

6 - أيامامعدودات ..

النكرة للتحقير ....... ونحن نميل إلى القول بأن المقصود بالايام المعدودات هو شهر رمضان نفسه ... وهو قول ابن أبي ليلى وجمهور المفسرين، ووصفها بقوله: معدودات، تسهيلاً على المكلف بأن هذه الأيام يحصرها العد ليست بالكثيرة التي تفوّت العد، ولهذا وقع الاستعمال بالمعدود كناية على القلائل، كقوله:

{في أيام معدودات}

{لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة}

{وشروه بثمن بخس دراهم معدودة}

(انظر البحر المحيط)

وتحقير أياما بالتنكير صاحبها الوصف بالتقليل ..... على ما تقرر من أن الجمع يدل على القلة والإفراد يدل على الكثرة نسبيا ...... فيكون تعبير " أياما معدودات"أدل على القلة مما لوقيل" أياما معدودة" ....... فيكون التهوين كيفيا بالتنكير، وكميا بالجمع المؤنث ..... والله أعلم.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[28 Sep 2006, 01:20 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.

الأخ الفاضل: أبو عبد المعز ـ حفظه الله ـ

جزاكم الله خيرا،والواقع أننا في حاجة ملحة للعناية بالتفسير اللغوي، ولعلكم تلاحظون قلة البحوث و الدراسات في هذا المجال. مما يترك الأبواب مشرعة أمام المغرضين ليستثمروا مناهج تحليل الخطاب لخدمة مقاصدهم المشبوهة. وإني أرى مثل ما قمتم به فاتحة طريق، وبشرى خير، فمزيدا من العطاء.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير