14 - الاهتمام بأصول التربية والتعليم: فكثيراً ما يبين السبل التي ترتقي بالتربية، والتعليم، كيف لا، وهو المربي الحكيم الذي باشر التعليم، وسبر أحواله، وخبر علله وأدواءه؟ كيف لا، وقد ألَّف كتابه العظيم (أليس الصبح بقريب) وهو في بواكير حياته؛ حيث كتبه وهو في الرابعة والعشرين من عمره، ذلك الكتاب الذي لم يُؤلَّف مثله في بابه، والذي تحدث فيه عن العلم، وتاريخ العلوم، وتطورها، وأسباب الرقي بمستوى التعلم العربي والإسلامي.
ولهذا جاء تفسيراً حافلاً بالنظرات التربوية؛ حيث يقف عند الآيات التي تشير وترشد إلى معالم التربية، وأصولها، كما في قوله -تعالى- في سورة النساء: [كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ].
15 - الاعتداد بالسلف الصالح، والاعتزاز بالأمة وتاريخها: فبرغم أنَّه ألَّف تفسيره في وقت ضعف المسلمين، وتسلط الاستعمار، وسقوط الخلافة، وتغلغل الأفكار الغربية، وحدوث الهزيمة النفسية، وتأثر الكثير من المثقفين بكل ما مضى - إلا أن ذلك لم يَنَلْ نَيْلَه من الشيخ ابن عاشور بل كان محباً لسلفه الصالح، مفاخراً بهم، معتزاً بأمته، محتفلاً بتاريخها المجيد، نافياً عنه ما علق به من زيف وتحريف.
16 - التنويه بما شاده الأوائل، والحرصُ على الإفادة منه وألا يُقتصر عليه ويوقف عنده: قال -رحمه الله- في مقدمته الرائعة 1/ 7 مشيراً إلى هذا المعنى: =فإن الاقتصار على الحديث المعاد تعطيل لفيض القرآن الذي ما له من نفاد.
ولقد رأيت الناس حول كلام الأقدمين أحدَ رجلين: رجلٍ معتكفٍ فيما شاده الأقدمون، وآخرَ آخذٍ بمعوله في هدم ما مضت عليه القرون، وفي كلتا الحالتين ضرٌّ كثير، وهنالك حالة أخرى ينجبر بها الجناحُ الكسير، وهي أن نعمد إلى ما أشاده الأقدمون فَنُهَذِّبَهُ ونزيده، وحاشا أن ننقضه أو نبيده، عالماً بأن غمض فضلهم كفران للنعمة، وجحد مزايا سلفها ليس من حميد خصال الأمة، فالحمد لله الذي صدق الأمل، ويسر إلى هذا الخير ودل+.
17 - الاعتزاز باللغة العربية: فتراه يتفاخر بها، ويُعلي من شأنها، ويرى أنها أعذب اللغات وأعظمها، وأوسعها مع أنه عاش في وقت الهزيمة -كما مرَّ- وفي وقت كانت العربية توصم بالجمود، وتلاقي كلَّ جحود وكنود.
ومع ذلك لم يفقد ثقته بِلُغَتِه، ولم تنل منه تلك الدعايات فتيلاً أو قطميراً.
كيف لا، وهو الخبير باللغة، العالم بأسرارها، البصير بآدابها وشتَّى فنونها وعلومها؟
18 - العناية بالضوابط، والتعريفات، والحدود: بحيث يتطرق للألفاظ التي تمر به في التفسير، فيعرفها بدقة، ووضوح، وشمول.
19 - الربط بين هداية القرآن لمصالح المعاش الدنيوي، والمعاد الأخروي، كما في تفسيره لقول الله - عز وجل -: [وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ] النحل: 9.
فإنه أتى بكلام بديع حول هذا المعنى.
20 - العناية بعلم الجغرافيا: فقد تبين في تفسيره مدى نبوغه وضلوعه في هذا العلم؛ فكثر إيراده له؛ لأنه يحتاج إليه في تحديد المواضع والأماكن التي ورد ذكرها في القرآن الكريم؛ فلهذا كان يتحرى الصواب، ويحرص على تحقيق مواقع تلك المواضع والأماكن كبابل، ومدين، وثمود، والأحقاف وغيرها.
وقل مثل ذلك في عنايته بخطوط الطول، ودوائر العرض، كما في تفسيره لقوله - تعالى -: [قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ] الآية من سورة الكهف.
21 - العناية بالتاريخ: ويظهر ذلك من خلال تتبعه الأحداث، ومعرفة أسباب النزول؛ فتراه يرجح أن هذه السورة أو الآية نزلت أولاً؛ بناءاً على ما ترجح عنده من الحوادث التاريخية وهكذا ...
وتراه يفيد من التاريخ في الأحوال التي نزلت فيها النوازل، فأفتى فيها علماء ذلك المصر بكذا وكذا، وأفتى غيرهم بكذا وكذا.
22 - الاستشهاد بأقوال الفلاسفة، والحكماء: فهو يورد أقوالهم، ويفند ما خالف الحق من آرائهم، ويوظف الحكمة في الاستدلال، والتحليل.
ولهذا تراه يتعرض لأقوال أفلاطون، وأرسطو، وينقل آراء الفلاسفة المنتسبين للإسلام كالكندي، والفارابي، وابن سيناء، ويبين ما فيها من حق، وباطل.
23 - التعرض لمسائل الطب: فالقرآن الكريم ورد فيه إشارات في أصول الطب وحفظ الصحة.
¥