وحكى أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن نجدة، قال: لما تصدى أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء للاتصال بالمأمون، كان يتردد إلى الباب، فلما أن كان ذات يوم جاء ثمامة، قال: فرأيت [له] أبهة أدب، فجلست إليه ففاتشته عن اللغة، فوجدته بحراً، وفاتشته عن النحو فشاهدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدت فقيهاً عارفاً باختلاف القوم، وبالنجوم ماهراً، وبالطب خبيراً، وبأيام العرب وأشعارها حاذقاً، فقلت [له]: من تكون؟ وما أظنك إلاّ الفراء! فقال: أنا هو. فدخلت على أمير المؤمنين فأعلمته، فأمر بإحضاره لوقته فكان سبب اتصاله به.
وقال أبو بكر بن الأنباري: لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربية إلاّ الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس؛ إذ انتهت العلوم إليهما.
وكان يقال: الفراء أمير المؤمنين في النحو.
ويروى عن بشر المريسي أنه قال للفراء: يا أبا زكريا، أريد أن أسألك مسالة في الفقه: فقال: سل، فقال: ما تقول في رجل سها في سجدتي السهو؟ قال: لا شيء عليه، قال: من أين قلت ذلك؟ قال: قسته على مذاهبنا في العربية، وذلك أن المصغر لا يضغر، وكذلك لا يلتفت إلى السهو في السهو، فسكت.
ويروى نحو هذا عن محمد بن الحسن، أنه سأله عن ذلك، فأجاب بهذا الجواب، فقال: ما ظننت آدمياً يلد مثلك.
وقال سلمة: أملى الفراء كتبه كلها حفظاً، لم يأخذ بيده نسخة إلاّ في كتابين. ومقدار كتب الفراء ثلاثة آلاف ورقة، وكان مقدار الكتابين خمسين ورقة.
وقال سعدون: قلت للكسائي: الفراء أعلم أم الأحمر؟ فقال: الأحمر أكثر حفظاً، والفراء أحسن عقلاً؛ وأبعد فكراً، وأعلم بما يخرج من رأسه.
قال سلمة: خرجت من منزلي فرأيت أبا عمر الجرمي واقفاً على بابي، فقال لي: يا أبا محمد، امض لي إلى فرائكم هذا، فقلت له: امض، فانتهينا إلى الفراء، وهو جالس على بابه يخاطب قوماً من أصحابه في النحو؛ فلما عزم على النهوض، قلت: يا أبا زكريا، هذا أبو عمر صاحب البصريين، تحب أن تكلمه في شيء؟ فقال: نعم، ما يقول أصحابك في كذا وكذا؟ قال: كذا وكذا، فقال: يلزمهم كذا وكذا، ويفسد هذا من جهة كذا وكذا، قال: فألقى عليه مسائل، وعرفه الإلزامات فيها، فنهض وهو يقول: يا أبا محمد، ما هذا إلاّ شيطان، يكرر ذلك [ثلاثاً].
وتوفي الفراء سنة سبع ومائتين في طريق مكة، وقد بلغ ثلاثاً وستين سنة، وكذلك حكى عن أحمد بن يحيى ثعلب. قال: توفي الأخفش بعد الفراء، وتوفي الفراء سنة سبع ومائتين في خلافة المأمون، بعد دخول المأمون العراق بثلاث سنين.
ـ[أحمد عطا عمر]ــــــــ[15 Apr 2007, 11:29 م]ـ
أشكر الإخوة الكرام الدكتور السالم الجكني، والدكتور أبو مجاهد العبيدي، والدكتور مروان الظفيري على مرورهم الكريم وردودهم الطيبة وزياداتهم النافعة.
وأقول للأخ الكريم الجكني ... العبارة التالية (والفراء من علماء اللغة العربية) ليست من كلام أبي بكر الأنباري ولا غيره من العلماء القدامي ولكنها عبارتي أنا.
فلك ألف تحية على ما تفضلت به وشكرا جزيلا.
ـ[الجكني]ــــــــ[15 Apr 2007, 11:58 م]ـ
ولك ألف تحية عطرة أخي أحمد 0
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[06 Aug 2007, 09:38 ص]ـ
السلام عليكم
يا إخواني أرجو الإفادة عن الدراسات والرسائل العلمية التي قامت حول كتاب معاني القرآن للفراء
فهل من معاون في هذا الشأن؟
أرجو ذلك
ـ[شعلة2]ــــــــ[06 Aug 2007, 12:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفضل أخي مشكورا
1. " المصنفات الأولى في معاني القرآن أبو عبيدة والأخفش والفراء، والدراسات الصرفية، والنحوية " إعداد ياسر محمد الحروب، رسالة دكتوراه، جامعة القديس يوسف.
2.منهج الفراء في كتابه معاني القرآن، إعداد: حسين بن محمد هاشم، رسالة ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
3. "علل اختيارات الفراء في القراءات القرآنية في كتاب معاني القرآن"، إعداد: مازن أحمد محمود، رسالة ماجستير، جامعة اليرموك، إربد.
4. "كتاب معاني القرآن الأخفش، الفراء، الزجاج ومناهج مؤلفيها"، إعداد ناجح محمد البعول، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية.
5. "جهود المفسرين في البحث البلاغي أبو عبيدة، الفراء، ابن قتيبة " إعداد منيرة محمد فاعور، رسالة ماجستير، جامعة دمشق.
6. "ظواهر لسانية في القراءات القرآنية من خلال كتاب: معاني القرآن" لأبي زكريا الفراء دراسة وصفية تحليلية، رشيد سهلي، رسالة ماجستير، جامعة باجي مختار.