[بناء مقررات مادة التفسير بالجامعات الإسلامية]
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Apr 2007, 12:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الإخوة الأفاضل رواد هذا الموقع المبارك:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
(قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)
(البقرة:32)
إن عملية بناء المناهج عملية متكاملة وشاملة، فلا يمكن عزل مادة واحدة عن بقية مكونات المسار التكويني للطالب، ومن ثم فإنني لا أرى ـ من خلال واقع التجربة، والممارسة والمساهمة في وضع مشاريع الإصلاح الجامعي كخبير لدى وزارة التعليم العالي بالمغرب سابقا ـ أن نقتصر على وضع تصور لتدريس مادة واحدة لما في ذلك من تجزئة للمسار التكويني، وعدم اعتماد رؤية شمولية في التأهيل العلمي للطلبة. وعليه فإنني أقترح أن يتم النظر في المسار التكويني كله للطالب، بناء على مجال تخصصه في الشريعة أو أصول الدين، ولنبدأ بوضع الأهداف المتوخاة من التكوين، ثم مواصفات خريج هذه الكليات.
ومن المنطلقين السابقين فإنني أقترح أن نحدد الهدف من التكوين أولا:
1 - تكوين باحثين في الشريعة الإسلامية؟.
2 - تكوين علماء مجتهدين؟.
3 - تكوين حفظة للعلوم الشرعية؟.
و الأمر له تداعيات أخرى إذ إنه مرتبط بالتكوين ما قبل الجامعي، حيث إن الجامعة تتلقى مخرجات هذه المستويات التكوينية، وكلنا يعلم ما أصابها وما يصيبها من تدهور يحتاج تقويمه إلى دراسات خاصة. ومن ثم فإنه يتعين علينا وضع مواصفات للطالب المؤهل لمتابعة التكوين الجامعي في مجال العلوم الشرعية، بناء على معايير علمية محددة بدقة، وألا تظل التكوينات الشرعية الجامعية مفتوحة أمام كل الطلبة، وهم في أغلبهم غير مؤهلين لمتابعة مثل هذه التكوينات، بل إننا نجد أنه يدفع بالطلبة الفاشلين دراسيا إلى الكليات والجامعات والشعب ذات التخصص الشرعي، باعتبارها مؤسسات ذات استقطاب مفتوح، في الوقت الذي نجد فيه تخصصات أخرى تنتمي لجامعات وكليات وشعب ذات استقطاب محدود.
إن هذه الازدواجية في معايير ولوج التكوينات الجامعية تنعكس سلبا على التكوين ومخرجات التكوينات الجامعية ذات التخصص الشرعي، كما أنها مكلفة من الناحية المادية والمعنوية.
إننا إذا وفقنا في فرض هذا المطلب الأساس ـ بأن يصبح ولوج المؤسسات والتكوينات الشرعية الجامعية مشروطا بمكتسبات مسبقة في الطالب، مما يفرض علينا تحديد مواصفات طالب العلوم الشرعية ـ سنتمكن من وضع البرامج الدراسية بشكل متكامل ومنسجم بحيث تستجيب لرغبات الطلبة ومستوياتهم العلمية، وتحقيق الأهداف المتوخاة.
إن معالجة هذه المسألة المصيرية بسطحية و بعجالة فإنها ستفضي بنا إلى وضع لن يزيد وضعيتنا التعليمية عامة و الجامعية خاصة إلا تأزما، و يستمر مسلسل تدني المستوى، والهدر الجامعي.
وعليه فإنه يتعين علينا كأساتذة باحثين في العلوم الشرعية أن نعمل على تحقيق أهداف الجامعة المتمثلة في التكوين العلمي الرصين، و تأهيل الطالب لخوض غمار البحث العلمي، وتحقيق الاشعاع الثقافي، والمساهمة بشكل فعال في إيجاد مجتمع المعرفة.
مما سبق يتبين لنا أن صياغة المقررات الدراسية يحتاج للمتطلبات التالية:
1 - المعرفة بالمجتمع: فلسفته في الحياة، والثقافة والقيم السائدة، واتجاهاته واختيارته الأساسية.
2 - المعرفةبوظائف الجامعة: التكوين، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع.
3 - المعرفة بأهداف التكوين: وضع أهداف واضحة للتكوين، وتحديد أهداف وحدات التكوين، وربط هذا الأهداف العامة والخاصة بحاجيات المجتمع، مع مراعاة قابلية هذه الأهداف للتطبيق.
4 - المعرفة بالطلبة: مستوياتهم العلمية، وقدراتهم الذاتية على اكتساب المعرفة وتوظيفها، و كفاءاتهم و مهاراتهم.
5 - المعرفة بالأستاذ: المؤهل تأهيل علميا عاليا للقيام بمسؤولية التربية والتعليم، والقادر على التبليغ، وممارسة البحث العلمي، والملم بتفاصيل الدرس، والمتمكن من توظيف أفضل الطرق للتدريس، والذي يعتبر مرشدا أكاديميا، وخبيرا في مجال تخصصه، وباحثا ومستشارا. مع العمل على تأهيله علميا ونفسيا ومهنيا، وتوفير الإمكانيات المادية و المعنوية.
¥