تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الحلقة (2) ابن عباس العالم المؤدب من خلال سيرته وأقواله وتفسيراته]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 May 2007, 09:03 ص]ـ

كنت قد طرحت في حلقة سابقة (لطائف من ترجمة ابن عباس) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=7752) ، وهاأنذا أتبعها بهذه الحلقة التي تتعلق بتربيته العلمية، وإليك هذه النقاط:

أولاً: عنايته بتعليم طلابه:

عن عكرمة قال: (كان بن عباس يجعل في رجلي الكبل يعلمني القرآن ويعلمني السنة).

فانظر كيف اعتنى ابن عباس بمولاه عكرمة، لما رأى فيه من النجابة والذكاء، ولم يفعل ذلك مع من هو أقرب منه؛ ابنه علي بن عبد الله بن عباس.

وانظر الفرق بين موقف ابن عباس من عكرمة وعنايته به، وموقف ابنه علي من عكرمة،، عن يحيى بن معين، قال: (مات ابن عباس وعكرمة عبد لم يعتقه، فباعه على بن عبد الله بن عباس، فقيل له: تبيع علم أبيك، فاسترده).

ثانيًا: مدارسة العلم، وإلقاء المشكل من العلم مع الطلاب.

عن عكرمة قال: (قرأ ابن عباس هذه الآية: (لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا). قال قال بن عباس: لم أدر أنجا القوم أم هلكوا. فما زلت أبين له أبصره حتى عرف أنهم قد نجوا، قال: فكساني حلة).

وفي رواية أخرى عند الطبري بسنده عن عن عكرمة قال: (دخلت على ابن عباس والمصحف في حجره، وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك، جعلني الله فداءك؟ قال: فقرأ: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر"، إلى قوله: (بما كانوا يفسقون".) قال ابن عباس: لا أسمع الفرقة الثالثة ذكرت، نخاف أن نكون مثلهم! فقلت: أما تسمع الله يقول: "فلما عتوا عمّا نهوا عنه"؟ فسُرِّي عنه، وكساني حُلّة).

هذا ابن عباس ـ مع ما آتاه الله من علم بتأويل القرآن ومعرفة بعلومه ودقائقه ـ يقف حائرًا عند هذه المشكلة العلمية التي خطرة عليه، وإذا بتلميذه يفتح عليه بها، فما استنكر لذلك، ولا قال له: (وما يدريك أنت؟!)، بل كساه حُلَّة جائزة على ما قدَّم له من هذه المعلومة الثمينة، وهذا يدل على:

1 ـ الفرح بالمعلومة.

2 ـ إعطاء الشيخ الجوائز التشجيعية لطلابه الذين يتقدمون في العلم.

3 ـ أن العلم لا يرتبط بالسِّنِ ولا بكثرةِ العلم، فقد يُوصل إليك المعلومة من يصغرك سنًّا وعلمًا.

4 ـ تواضع ابن عباس العلمي لقبوله بتعليم تلميذه له في هذه المسألة.

5 ـ أنه قد يقع خطأ في التدبر، كما هو الحال في تدبر ابن عباس رضي الله عنه.

6 ـ في هذه المسألة استدراك التابعي على الصحابي، وهذا النوع من الاستدراك قليل جدًا، إذ العكس أكثر.

ثالثًا: تدريبه لطلابه في العلم والفتوى:

ـ عن عكرمة قال: (قال لي بن عباس ونحن ذاهبون من منى إلى عرفات: هذا يوم من أيامك. فجعلت أرجن به ويفتح علي بن عباس).

ـ عن عكرمة قال: (قال ابن عباس انطلق فأفت الناس وأنا لك عون قال قلت لو أن هذا الناس مثلهم مرتين لأفتيتهم. قال انطلق فأفت الناس فمن جاءك سألك عما يعنيه فأفته، ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته فإنك تطرح عن نفسك ثلثي مؤنة الناس).

ـ روى البيهقي في المدخل عن ابن عباس، أنه قال لسعيد بن جبير: (حَدِّثْ، قال: أُحدِّثُ وأنت شاهد؟!

قال: أوليس من نعمة الله عليك وأنت تحدث وأنا شاهد؟ فإن أخطأت علمتك).

وفي هذه النصوص فوائد:

1 ـ حرص ابن عباس على تدريب طلابه وإبرازهم للعامة ليكون محله إذا غاب عنهم، وهذا مما قد يفتقده بعض الأشياخ إذ يغيب عنهم أن يجعلوا لهم خلفًا يعرِّفون الناس بهم، ويردونهم إليهم، ومن هذا الباب ما قاله تميم بن حدير عن الرباب: (سألت ابن عباس عن شيء فقال: تسألوني وفيكم جابر بن زيد وهو أحد العلماء؟).

وكذا قوله رضي الله عنه: (لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علماً من كتاب الله).

وهذا المنهج ـ وهو إبراز الطلاب المتميزين الذين يصلحون لخلافة العالم ـ مما يحسن للعلماء التنبه له.

ومن هذا الباب ما روى البيهقي في المدخل عن أبي العالية قال: (كنت آتي ابن عباس فيرفعني على السرير، وقريش أسفل من السرير، فتغامز بي قريش، وقالوا: يرفع هذا العبد على السرير فعطن بهم ابن عباس فقال: إن هذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس المملوك على الأسرة).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير