تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مناقشة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فيما ذهب إليه من الفرق بين القرآن والحديث القدسي]

ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 May 2007, 05:34 م]ـ

أيها الأخوة الكرام: أطرح بين يديكم مناقشة لرأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الفرق بين القرآن والحديث القدسي خاصة مسألةأن لفظ الحديث القدسي من الرسول صلى الله عليه وسلم , وهو الرأي السائد والمنتشر في أكثر كتب علوم القرآن ومصطلح الحديث قصدت منه بيان ما توصلت إليه , وسماع آراء بقية إخواننا إما بذكر ما يمكن ذكره في تقوية ما ذهبت إليه أو تضعيفه سدد الله على الخير خطاكم , فأقول مستعيناً بالله:

القرآن هو كلامُ الله المنزَّلُ على محمّد ? المُتَعَبَّدُ بتلاوتِه. ()

والقُدْسِيُّ نسبةٌ إلى: القُدُسْ، وهي نسبةٌ تدلُّ على التعظيم؛ لأنّ مادّةَ الكلمةِ دالَّةٌ على التنزيهِ والتطهيرِ في اللغةِ ()، ويُسمَّى: الحديث الإلهيُّ؛ نسبةً إلى الإله المعبودِ، ويُسمَّى: الحديث الربانيُّ؛ نِسْبَةً إلى الرَّبِّ.

وعرّفه الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله بقوله:"ما رواه النبيُّ ? عن ربِّهِ تعالى، ويُسمَّى أيضًا: الحديث الربّانيّ، والحديث الإلهيّ ". ()

وقد ذكر الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله الفَرْقَ بينَ القرآنِ والحديثِ القُدْسِيِّ في مَواضعَ متعدّدةً مِن كُتُبِهِ فقال:" وقد اختلفَ العلماءُ رحمهم الله في لَفْظِ الحديثِ القُدْسيِّ: هل هو مِن كلامِ الله تعالى أو أنّ الله تعالى أَوْحَى إلى رسولِه ? مَعْنَاه؛واللفظُ لَفْظُ رسولِ الله ?؟ على قولينِ:

القول الأول: إنّ الحديثَ القُدْسيَّ مِن عند الله لَفْظُهُ ومعناهُ، لأنّ النبيَّ ? أضافهُ إلى الله تعالى، ومِن المعلومِ أنّ الأصلَ في القولِ المضافِ أنْ يكونَ بِلَفْظِ قائِله لا ناقلِه، لا سيَّمَا أنّ النبيَّ ? أقوى الناسِ أمانةً وأوثقهم روايةً.

القول الثاني: إنّ الحديث َ القُدْسِيَّ معناه مِن عند الله،ولفظهُ لفْظُ النبيِّ ?، وذلكَ لوجهين: الوجه الأول: لو كانَ الحديث القُدْسِيُّ مِن عند الله لفظًا ومعنىً؛ لكانَ أعلى سندًا مِن القرآنِ؛ لأنّ النبيَّ ? يرويه عن رَبِّهِ تعالى بدونِ واسطةٍ،كما هو ظاهر السياقِ، أمّا القرآنَُ فنزلَ على النبيِّ ? بواسطةِ جبريلَ ?،كما قال تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ} (النحل: من الآية102) وقال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ? عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ? بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء:193 - 195).

الوجه الثاني: أنّه لو كانَ لفظُ الحديث القُدْسِيِّ مِن عند الله؛ لَمْ يكنْ بينهُ وبينَ القرآنِ فَرْقٌ؛ لأنّ كِلَيْهِمَا على هذا التقديرِ كلامُ الله تعالى، والحكمةُ تقتضي تساويهما في الحكمِ حينَ اتّفقَا في الأصلِ، ومِن المعلومِ أنّ بينَ القرآنِ والحديث القدْسِيِّ فروقًا كثيرة:

منها: أنّ الحديث القُدْسِيَّ لا يُتعبَّدُ بتلاوتهِ، بمعنى أنّ الإنسانِ لا يَتعبَّدُ الله تعالى بِمجرَّدِ قراءتهِ، فلا يُثابُ على كُلِّ حرفٍ مِنهُ عشرَ حسناتٍ، والقرآنُ يتعبَّدُ بتلاوتهِ بكلِّ حرفٍ مِنه عشر حسناتٍ.

ومنها: أنّ الله ? تحدَّى أنْ يأتِيَ الناسُ بمثلِ القرآنِ أو أيةٍ مِنه، ولم يَرِدْ مثلُ ذلكَ في الأحاديثِ القُدْسيَّةِ.

ومنها: أنّ القرآنَ مَحفوظٌ مِن عند الله ?،كما قال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9) والأحاديثُ القُدْسيَّةُ بخلافِ ذلكَ؛ ففيها الصحيحُ والحَسَنُ، بل أُضِيفَ إليها ما كانَ ضعيفًا أو مَوضوعًا، وهذا وإنْ لم يكنْ مِنها لكن نُسِبَ إليها وفيها التقديمُ والتأخيرُ والزيادةُ والنقصُ.

ومِنها: أنّ القرآنَ لا تجوزُ قراءتهُ بالمعنى بإجماعِ المسلمينَ، أمّا الأحاديثُ القُدْسيَّةُ فعلى الخلافِ في جوازِ نقلِ الحديثِ النبويِّ بالمعنى، والأكثرونَ على جوازه.

ومنها: أنّ القرآنَ تُشرع قراءتهُ في الصلاةِ؛ ومِنه ما لا تصحُّ الصلاةُ بدونِ قراءتهِ، بخلافِ الأحاديثِ القُدْسيَّةِ.

ومنها: أنّ القرآنَ لا يَمسُّهُ إلاّ طاهرٌ على الأصحِّ، بخلاف ِالأحاديثِ القُدْسيَّةِ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير