تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[علم مقاصد السور [2] (التعريف)]

ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[02 Jun 2007, 09:34 ص]ـ

التعريف بعلم مقاصد السور.

المسألة الأولى: التعريف:

المقصد: يرجع إلى مادة (ق ص د) وهي تدور على معنى التوجه والنهوض نحو الشيء.

قال ابن جني: أصل مادة " ق ص د " ومواقعها في كلام العرب: التوجه والنهوض نحو الشيء، هذا أصله في الحقيقة". ([1]).

فالمقصد هو العمدة الذي يتوجه إليه الكلام ويرجع إليه.

ويعرّف الفراهي المقصد الأساسي أو عمود الكلام كما يسميه في كتابه نظام القرآن بأنه: " جماع مطالب الخطاب، فإليه مجرى الكلام، وهو المحصول والمقصود منه، فليس من أجزائه الترتيبية، ولكنه يسري فيه كالروح والسر، والكلام شرحه وتفصيله، وإنتاجه وتعليله، وربما يحسن إخفاؤه، فلا يطلع عليه إلا بعد استيفاء الكلام والتدبر فيه" ([2]).

ويقول: " إن النظر في آيات السور لا يدع شكاً في أن عمود الكلام ليس إلا الأمور الكلية التي لا تتعلق بوقت ولا زمان " ([3]).

ويمكن أن نخلص من كلامه أن ضوابط المقصد:

1 - أنه جامع مطالب الخطاب الذي يمثل الأمور الكلية للسورة، وهو المحصول والمقصود الأساسي منه.

2 - أنه يمثل الروح الذي يسري في كيان السورة، فيربط بين أجزائها، ويجعل كل جزء فيها آخذاً بالآخر، في سبيل تحقيق المقصد الأعظم.

3 - أنه معنى خفي يحتاج إلى تدبر واستيفاء الكلام كله.

وعليه فيمكن أن نحدد مقصد السورة بأنه (مغزى السورة الذي ترجع إليه معاني السورة ومضمونها، ويمثل روحها الذي يسري في جميع أجزائها).

وإذا تبين هذا فيمكن أن نعرف علم مقاصد السور بأنه (علم يعرف به مغزى السورة الجامع لمعانيها ومضمونها).

وقد عرف البقاعي هذا العلم فقال: " هو علم يعرف منه مقاصد السور، وموضوعه: آيات السور، كل سورة على حيالها " ([4]).

المسألة الثانية: مرادفات مصطلح مقاصد السور:

مصطلح مقاصد السور مصطلح متأخر، لذا نجد التفاوت في التعبير عنه عند المتأخرين.

فقد يعبر عنه بسياق السورة، وغرض السورة، والوحدة الموضوعية، الوحدة السياقية للسورة، وموضوع السورة العام، وعمدة السورة، وهدف السورة، ومحور السورة، ومضمون السورة، ومدار السورة، وفلك السورة، وجو السورة، وشخصية السورة، وروح السورة.

وكلها تصب في معنى واحد هو أن تكون السورة ترجع إلى معنى واحد يجمعها، هو مراد الله تعالى ومقصوده فيها.

المسألة الثالثة: الفرق بين موضوعات السورة ومقصدها

هناك فرق بين موضوع السورة ومقصدها، فالموضوع أو الموضوعات هي المعنى أو المعاني الظاهرة التي تمثلها الأحكام والقصص ونحوها، وأما المقصد فهو معنى خفي يجمعل تلك الموضوعات.

فمثلاً سورة البقرة: نجد أن موضوعاتها تركز على الأحكام الكلية للشريعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" وقد ذكرت في مواضع ما اشتملت عليه سورة البقرة من تقرير أصول العلم و قواعد الدين" وأما غرضها فهي في بناء نظام الدولة المسلمة، وإعداد الأمة لحمل أمانة الدين وتبليغها بعد تخلي بني إسرائيل عنها. ويؤكد ذلك تسميتها بالبقرة وتضمينها لقصة البقرة الدالة على تحذير الأمة من مشابهة بني إسرائيل في تلقي الأحكام والتشريعات ولذلك اختتمت بقوله (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون) .... إلى قوله (وقالوا سمعنا وأطعنا) وجاءت آخر جملة منها دالة على التبيلغ بقوله (أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين). فتأمل الفرق والعلاقة بين الموضوع والمقصد، تجد أن بينهما فرق كما أن بينهما ترابط لازم. إذ أن الموضوع دال على المقصد. والله أعلم.


([1]) ((لسان العرب)) (3/ 353)

([2]) ((دلائل النظام)) ص16.

([3]) المصدر السابق ص62.

([4]) ((نظم الدرر في تناسب الآيات والسور)) (1/ 155).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير