تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[خواطر حول التفسير الموضوعي للقرآن الكريم]

ـ[د. مصطفى مسلم]ــــــــ[30 May 2007, 10:19 م]ـ

خاطرات حول التفسير الموضوعي للقرآن الكريم

محاضرة ألقاها الأستاذ الدكتور مصطفى مسلم في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فإنه من دواعي سعادتي أن ألتقي على مائدة القرآن الكريم، بكوكبة من أساتذة الجامعة الإسلامية، وطلاب دراساتها العليا، ونخبة من العلماء الأفاضل وطلبة العلم.

فأقدم الشكر والحمد لله سبحانه وتعالى أولاً على ما أنعم به وأولاني وإخوتي وزملائي بنعمة الإسلام والعلم الشرعي وخدمة كتابه العظيم.

ثم أقدم شكري للقائمين على هذا اللقاء الكريم والندوة العلمية، الذين تفضلوا عليّ فوقع اختيارهم عليّ للحديث في هذا الجمع الكريم.

أيها السادة والسيدات الكرام الأماجد:

إن الحديث عن القرآن الكريم وتفسيره حديث متجدد لا يَمَلّ سامعه، ولا تنتهي غرائبه، وكلما غاص الباحث في أعماقه استخرج اللآلي والدرر من لجج بحاره.

ونحن اليوم بصدد الحديث عن ألوان تفسيره الذي لم تجتمع كلمة الباحثين على منهج موحد له، ولا زالت الآراء تتباين حول طرق تناوله.

فهناك مناهج متفقٌ عليها بين المفسرين في التفسير التحليلي والإجمالي والمقارن.

أما التفسير الموضوعي، فلم تتوحد الكلمة حوله على الرغم من قلة الباحثين والكاتبين حول منهجه، حيث لم تتجاوز الكتابات في ذلك مجموع أصابع اليدين.

وليس الاختلاف بين الباحثين محصوراً في مناهج التفسير الموضوعي بل الاختلاف في أصل وجوده وتعريفه.

واسمحوا لي أيها السادة أن أعرج في لمحات سريعة من خلال عرض تاريخي على ألوان من التفسير الموضوعي، ولو لم تأخذ هذا المسمى أو هذا المصطلح.

وأقول باختصار: (ما التفسير الموضوعي إلا تفسير القرآن بالقرآن.)

فالموضوع الواحد كثيراً ما يعرضه القرآن بأساليب مختلفة: بالإجمال تارة وبالتفصيل أخرى، وربما جاء الحث عليه بأسلوب الترغيب فيه وبيان ثمراته الطيبة وفلاح العاملين له والمتصفين به، وربما بأسلوب النهي عن ضده وذكر الخذلان وسوء العاقبة لمن تخلى عنه ..

ولم يخلُ عصر من العصور الإسلامية بعد نزول القرآن الكريم على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ومارس علماء المسلمين هذا المنهج في تفسير القرآن – أعني تفسير القرآن بالقرآن.

أمثلة على تفسير القرآن بالقرآن:

1 - روى الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية ? (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم.). ?الأنفال/82. شقّ ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح ? (إن الشرك لظلم عظيم ?) لقمان/ 13.إنما هو الشرك.

2 - وفسّر رسول الله صل1 مفاتح الغيب في قوله تعالى ? (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) ? فقال: مفاتح الغيب خمس: (?إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير?) لقمان/34.

3 - ونقرأ قوله تعالى في سورة المائدة: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم?) المائدة/1. ونقرأ تفصيل هذا الاستثناء في السورة نفسها: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق) ?المائدة/3.

كما نقرأ في سورة البقرة قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) ?البقرة /173،172.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير