تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المشترك]

ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[13 May 2007, 05:36 م]ـ

يرد هذا المصطلح كثيراً في كتب العقائد خصوصاً في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كالتدمرية وغيرها.

وفيما يلي إعطاء صورة عامة عنه، وذلك من خلال المسائل التالية:

أولاً: تعريفه:

في اللغة: من الفعل اشترك يشترك، والمصدر اشتراك، والمشترك اسم المفعول.

وفي الاصطلاح: عرف بعدة تعريفات قريبة من بعض، وفيما يلي ذكر لشيء منها:

أ - عرفه الجرجاني -رحمه الله- بقوله: (المشترك ما وضع لمعنى كثير بوضع كثير) [1].

ب - وقال عنه ابن فارس -رحمه الله-: (تسمى الأشياء الكثيرة بالاسم الواحد نحو: (عين الماء) و (عين المال) و (عين السحاب)) [2].

ج - وعرفه ابن تيمية -رحمه الله- بقوله: (أن يكون اللفظ دالاً على معنيين من غير أن يدل على معنى مشترك بينهما) [3].

د - وقال السيوطي-رحمه الله-: (وقد حدَّه أهل الأصول بأنه اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة) [4].

هـ - ويمكن أن يعرف بتعريف مختصر فيقال: هو ما اتحد لفظه، واختلف معناه.

ثانياً: الخلاف في وقوعه: اختلف الناس في اللفظ المشترك، هل له وجود في اللغة؟ فأثبته قوم، ونفاه آخرون، ولكل منهم أدلته.

وقد نقل هذا الاختلاف جمع من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- حيث قال بعد أن ذكر حد المشترك: (فمن الناس من ينازع في وجود معنى هذا في اللغة الواحدة التي تستند إلى وضع واحد، ويقول: إنما يقع هذا في وضعين كما يسمي هذا ابنه باسْمٍ، ويسمي آخر ابنه بذلك الاسم) [5].

ونصه هذا يوحي بأنه قائل بوقوع المشترك، وهذا ما يؤكده قوله في موضع آخر: أن (الأسماء المتفقة اللفظ قد يكون معناها متبايناً وهي المشتركة اشتراكاً لفظياً، كلفظ سهيل المقول على الكوكب وعلى الرجل) [6].

وقال السيوطي -رحمه الله-: (واختلف الناس فيه؛ فالأكثرون على أنه ممكن الوقوع؛ لجواز أن يقع إما من واضِعَيْن؛ بأن يضع أحدهما لفظاً لمعنىً، ثم يضعه الآخر لمعنىً آخر، ويشتهر ذلك اللفظ بين الطائفتين في إفادته المعنيين، وهذا على أن اللغات غير توقيفية.

وإما من واضع واحد؛ لغرض الإبهام على السامع؛ حيث يكون التصريح سبباً للمفسدة، كما روي عن أبي بكر -رضي الله عنه- وقد سأله رجل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت ذهابهما إلى الغار: من هذا؟ قال: هذا رجل يهديني السبيل.

والأكثرون - أيضاً - على أنه واقع لنقل أهل اللغة ذلك في كثير من الألفاظ.

ومن الناس من أوجب وقوعه - قال: لأن المعاني غير متناهيةٍ والألفاظ متناهية، فإذا وزع لزم الاشتراك.

وذهب بعضهم إلى أن الاشتراك أغلب، قال: لأن الحروف بأسرها مشتركة بشهادة النحاة، والأفعال الماضية مشتركة بين الخبر والدعاء، والمضارع كذلك، وهو - أيضاً - مشترك بين الحال والمستقبل، والأسماء كثير فيها الاشتراك؛ فإذا ضممناها إلى قسمي الحروف والأفعال كان الاشتراك أغلب.

ورد بأن أغلب الألفاظ الأسماء، والاشتراك فيها قليل بالاستقراء، ولا خلاف أن الاشتراك على خلاف الأصل) [7].

والمتأمل للخلاف في المشترك يجد أنه ما كان ينبغي أن يتوسع فيه، ويشقق القول؛ لأنهم جميعاً متفقون على وجود ألفاظ في اللغة قد استعملتها العرب في الدلالة على معان مختلفة بغض النظر عن كيفية وجودها مثل لفظ (العين) فهي بلفظها قد استعملت لمعان كثيرة، وكذلك غيرها من الألفاظ التي سيأتي ذكر لبعضها.

وهذا الاستعمال كافٍ في إثبات المشترك؛ لذلك فإن الذي عليه أكثر المتقدمين من اللغويين - هو القول بالاشتراك.

أما نقل الكلام إلى الحديث عن النشأة الأولى للمشترك، وهل يكون أصلاً في الوضع أو لا؟ وما يترتب على ذلك من أن المخاطبة باللفظ المشترك لا تفيد فهم المقصود على التمام، وما كان كذلك يكون منشأً للمفاسد - فهو خروج من الواقع اللغوي، وخوض في مسألة نشأة اللغة التي لم يتوصل فيها إلى رأي علمي قاطع [8].

ثالثاً: أمثلة من المشترك: أورد السيوطي -رحمه الله- في المزهر أمثلة كثيرة من المشترك [9]، ومنها:

1 - العم: أخو الأب، والعم: الجمع الكثير، قال الراجز:

يا عامر بن مالك يا عمَّا = أفنيت عماً وجبرت عمَّافالعم الأول: أراد به عماه، والعم الثاني: أراد أفنيت قوماً، وجبرت آخرين.

2 - النوى: يطلق على الدار، والنية، والبُعْد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير