تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مناقشة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في عدد تنزلات القرآن]

ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[03 Jun 2007, 08:17 م]ـ

القرآنُ كلام الله تعالى تَكلَّمَ به حقيقةً، ونَزَلَ به الرُّوحُ الأمين جبريلُ ? على النبيِّ ? مُفرَّقًا مُنذ بِعثته إلى وفاته، قال الله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً} (الاسراء:106)، وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} (الفرقان:32).

وكَوْنُ القرآنِ نَزَلَ مُفرَّقًا حقيقةٌ مَقْطوعٌ بها عند أهل الإسلام؛ ولِذا لا بُدَّ مِن معرفةِ معنى الإنزال في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (البقرة: من الآية 185) وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (الدخان: من الآية3) وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1).

قالَ الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1):" الصحيحُ أنّ معناها: ابتدَأْنَا إنْزالهُ في ليلةِ القدْرِ، وليلةُ القَدْرِ في رمضان لا شَكَّ ". ()

وعند تفسيره لقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (البقرة: من الآية 185)

قال:" وهل المرادُ بـ {الْقُرْآنُ} الجِنْس، فيشملُ بعضه؛ أو المرادُ به العمومُ فيشملُ كُلَّهُ؟ قال بعض أهل العلم: إنّ " ال " للعمومِ فيشملُ كُلَّ القرآنِ؛ وهذا هو المشهور عند كثيرٍ مِن المفسِّرينَ المتأخِّرينَ؛ وعلى هذا القَوْلِ يُشْكِلُ الواقع؛ لأنّ الواقعَ أنّ القرآنَ نَزَلَ في رمضانَ، وفي شوالَ،وفي ذي القعدة، وفي ذي الحجّة ... في جميعِ الشُّهور؛ ولكن أجابوا عن ذلك بأنّه رُوي عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ القرآنَ نَزَلَ مِن اللوْحِ المحفوظ إلى بيتِ العِزَّة في رمضان، وصارَ جبريلُ ? يأخذهُ مِن هذا البيت، فيَنْزِلُ به على رسول الله ? (1)، لكنْ هذا الأثر ضعيفٌ؛ ولهذا الصحيحُ أنّ " ال " هنا للجِنْس؛ وليستْ للعمومِ؛ وأنّ معنى {أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} أيْ اُبْتُدِئَ فيه إنْزَالُه، كقوله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (الدخان: من الآية3)، وقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1) أيْ ابْتَدَأْنَا إنْزَالهُ ". ()

ومِمّا تقدَّمَ يتبيَّنُ أنّ الشيخَ رحمه الله يرى أنّ للقرآنِ نُزولاً واحدًا فقط، ويؤيِّدُ ذلك تَضْعِيفهُ لأثر ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما في كلامه السابق؛ وأصْرَحُ مِنه ما جاء في جوابه على سؤالٍ وُجِّهَ له: حيث قالَ السائل:يُنْسَب إليكم أنّكم ضعَّفْتُم قول ابنَ عبّاسٍ رضي الله عنهما بأنّ القرآنَ أنْزَلَهُ الله في رمضانَ جُمْلَةً واحدةً إلى السماءِ الدنيا، فهل هذا صحيح؟ وهل مِن دليلٍ على خِلافه؟

فأجابَ بقولهِ:"نعم، الأدلّةُ على خِلافه؛ أنّ الله ? يتكلَّمُ بالقرآنِ حين إنْزالِه على محمد ?، والدليلُ على أنّه يتكلَّمُ به حين إنْزالِه أنّه يتكلَّمُ ? عن حوادِثَ وقعتْ مِثل قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} (آل عمران: من الآية121) و {إِذْ} ظَرْفٌ لِمَا مَضَى يتحدَّثُ الله ? عن شيءٍ مَضَى مِن الرسولِ عليه الصلاة والسلام،وقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} (المجادلة: من الآية1) هل يصحُّ أنْ يُقال: قد سمع بشيءٍ لَمْ يُخلَقْ صاحبه بَعْدُ؟ لا يكونُ سَمْعٌ إلاّ بعدَ صَوْتٍ، وهذا يدلُّ على أنّ الله تكلَّمَ بهذه الآيةِ بعد أنْ تكلَّمَتْ التي تُجادل، {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} (آل عمران: من الآية181) لقد سَمِعَ، واللاّمُ مُؤَكِّدَةٌ، والقَسَمُ مُؤَكِّدٌ أنّه سمعَ قَوْلَ الذينَ قالوا إنّ الله فقيرٌ ونحنُ أغنياء،فتكونُ هذه الآيةُ نزلتْ بعد قَوْلِهم، وأمْثَالِ ذلكَ مِن السياقاتِ الدّالّةِ على أنّ الله تعالى تكلَّمَ بالقرآنِ حينَ إنْزالِه على محمدٍ ?.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير