[نظرات في ما تضمنته بعض سور القرآن]
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[30 Apr 2007, 06:00 م]ـ
سبق أن فتحت الموضوع في منتدى الألوكة، لكن لعل كتابته هنا أفضل كي أرى ملحوظات المشايخ المتخصصين بعلم التفسير
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا موضوع أرجو أن يشارك فيه الإخوة، وهو النظر في ما تضمنته سور القرآن إجماليا، فنذكر موضع السورة أو مقصدها الأعظم ثم نذكر ما تضمنته من معاني.
ولم أر أحدا من العلماء أكثر من الكلام في هذا، غير أني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية يتكلم أحيانا في ذلك. وربما كان للشيخ ابن عثيمين كلام في ذلك أيضا، لكن أظنه قليلا، إذ رأيته في شرح الواسطية يقول أن سورة الصف هي في الحقيقة سورة الجهاد.
وأحيانا لم يتبين لي موضوع السورة، فأرجو أن يذكر الإخوة ما اتضح لهم في تلك السورة.
سورة الفاحة
هذه السورة مكية، وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب. وقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره أنها سميت كذلك لأنها تفتح القراءة في الصلوات.
ففي هذه السورة سؤال العباد الله أن يهديهم الصراط المستقيم، وهو عبادة الله على الوجه اللائق به، قال تعالى {وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم}. فتوسلوا أولا بأسماء الله وصفاته ثم بالأعمال الصالحة، ففيه تقديم التوسل بأسماء الله على التوسل بالأعمال الصالحة والله أعلم.
ثم فسر ما هو الصراط المستقيم وهو كما سبق عبادة الله على الوجه اللائق به، إذ النصارى يعبدون الله على جهل، واليهود عندهم علم ولكن لا يعبدون الله كما أمروا.
انتهى الكلام في سورة الفاتحة، ولو شاء الإخوة زادوا في الكلام عنها.
سورة البقرة
هذه السورة مدنية، ولعلها أو ما نزل في المدينة. لعل مقصدها الأعظم -كما ذكره الشيخ عمر المقبل في إحدى محاضراته- الاستجابة لأمر الله. ولذلك دلائل:
-أول أمر جاء في هذه السورة هو الأمر بالعبادة، قال تعالى {يا أيها الناس اعبدوا ربكم}
ـذكر الله تعالى في هذه السورة طغيان اليهود لكونهم لم يستجيبوا لأمر الله، ولعل لهذا سميت هذه السورة سورة البقرة، لأنهم لو فعلوا كما أمرهم الله أول مرة لكان خيرا لهم.
-في هذه السورة أمور ونواهي كثيرة.
بالنسبة لما تضمنته هذه السورة من معاني، فقد وقفت على كلام مفيد لشيخ الإسلام ابن تيمية. قال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى
(وقد ذكرت فى مواضع ما اشتملت عليه سورة (البقرة) من تقرير أصول العلم وقواعد الدين: أن الله ـ تعالى ـ افتتحها بذكر كتابه الهادى للمتقين، فوصف حال أهل الهدى، ثم الكافرين، ثم المنافقين. فهذه (جمل خبرية) ثم ذكر (الجمل الطلبية) فدعا الناس إلى عبادته وحده، ثم ذكر الدلائل على ذلك من فرش الأرض وبناء السماء وإنزال الماء، وإخراج الثمار رزقا للعباد، ثم قرر (الرسالة) وذكر (الوعد، والوعيد) ثم ذكر مبدأ (النبوة والهدى) وما بثه فى العالم من الخلق والأمر، ثم ذكر تعلم آدم الأسماء، وإسجاد الملائكة له لما شرفه من العلم؛ فإن هذا تقرير لجنس ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، فقص جنس دعوة الأنبياء.
ثم انتقل إلى خطاب بنى إسرائيل وقصة موسى معهم، وضمن ذلك تقرير نبوته، إذ هو قرين محمد، فذكر آدم الذى هو أول، وموسى الذى هو نظيره، وهما اللذان احتجا، وموسى قتل نفساً فغفر له، وآدم أكل من الشجرة فتاب عليه، وكان فى قصة موسى رد على الصابئة ونحوهم ممن يقر بجنس النبوات ولا يوجب اتباع ما جاؤوا به، وقد يتأولون أخبار الأنبياء، وفيها رد على أهل الكتاب بما تضمنه ذلك من الأمر بالإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وتقرير نبوته، وذكر حال من عَدَل عن النبوة إلى السِّحْر، وذكر النسخ الذى ينكره بعضهم، وذكر النصارى وأن الأمتين لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم. كل هذا فى تقرير أصول الدين من الوحدانية والرسالة.
ثم أخذ ـ سبحانه ـ فى بيان شرائع الإسلام التى على ملة إبراهيم، فذكر إبراهيم، الذى هو إمام، وبناء البيت الذى بتعظيمه يتميز أهل الإسلام عما سواهم، وذكر استقباله، وقرر ذلك؛ فإنه شعار الملة بين أهلها وغيرهم؛ ولهذا يقال: أهل القبلة، كما يقال: (من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم).
¥