[إن مع العسر يسرين]
ـ[إيمان]ــــــــ[25 Apr 2007, 06:29 ص]ـ
إخوتي الكرام أسعد الله أوقاتكم بالخيرات والمسرات ...... لقد اطلعنا على مقال جميل لفضيلة الشيخ الدكتور: ناصر بن
سليمان العمر، بعنوان: " إن مع العسر يسرين " ..... وأحببت نقله لكم ليتسنى لكم الإستفادة منه .... وهو إهداءُُ ُ منا
لكل مهموم ومكروب في هذه الدنيا ....... فهلم إلى رياض ذلك المقال:
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فإن من دروس سورة يوسف التي أقف معها في هذه المقالة، درس من أعظم الدروس، إنه يتعلق بأعمال القلوب. يتعلق بالإيمان بالله _جل وعلا_ وبالثقة فيه، يتعلق بقوله _تعالى_: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"، يتعلق بقوله _تعالى_:"ومن يتوكل على الله فهو حسبه". ذلك الدرس هو قوة التلازم بين الشدة والفرج، وهو تلازم ظاهر في سورة يوسف.
إن التلازم بين الشدة والفرج في سورة يوسف مطرد اطراداً عجيبا، وهذا المعنى، وهذه الدروس، وهذه الأمثلة التي سنتناولها، تعطي المؤمن ثقة بالله _جل وعلا_ وصدق توكل عليه، ولها آثارها العاجلة والآجلة في الدنيا والآخرة. إن من أخطر ما قد يمر بالمسلم أن يسيء الظن بربه _جل وعلا_ إذا نزلت به محنة، ويغفل عن التلازم بين الشدة والفرج، الذي أشار الله إليه في قوله _تعالى_: "فإن مع العسر يسرا إن مع لعسر يسرا"، ولن يغلب عسر يسرين، وهذا التلازم الواضح، الظاهر، البين، الجلي، بين الفرج والشدة من أجل أن يزداد المؤمن إيماناً بربه وثقة بوعده.
فكل واحد منا تمر به شدة، سواء صغرت أو كبرت، بل تمر بالمسلم شدائد عدة، فإذا فقد الإنسان الأمل هلك، ولكنه إذا أحسن الظن بربه، وقوي إيمانه به، فإنه سرعان ما يجد الفرج بين يديه. هذه هي الحقائق كما تعرضها سورة يوسف _عليه السلام_ نبدأ بها مثلا مثلا، من أجل أن يزداد إيماننا إيماناً.
فمن التلازم بين الشدة والفرج، أنه عندما اجتمع إخوة يوسف من أجل أن يتآمروا على قتله "اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ" (يوسف:9)، وهم يتآمرون كان أغلبهم يرون هذا القرار "اقتلوا يوسف"، جميعهم يرى هذا القرار إلا واحداً يأتي عن طريقه الفرج، وقبل أن يصدر القرار بالقضاء على يوسف "قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين" فيأتي الإنقاذ ويأتي الفرج فبعد أن كاد أن يصدر القرار، يأتي أعقل إخوانه، فيقول: لا تقتلوا يوسف، وهذا فرج بعد الشدة.
مثل آخر: عندما ألقوه في الجب، والإلقاء في البئر في وسط المدينة وفي وسط الحضر شدة عظيمة جداً، فكيف إذا اجتمع في هذا الجب العوامل التالية:
في وسط البرية ..
بعيد عن أهله ..
بعيد عن السكان ..
والملقي في سن الصغر _عليه السلام_ دلت على ذلك أمور، منها: أنه لا يستطيع أن يسابق معهم، ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه "أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون" إذن فهو صغير ..
وقد فارق والديه ..
والذين يلقونه من هم؟ هم إخوانه ..
تجمعت كل عوامل الشدة في هذا الصنيع، فأين الفرج
لقد جاء الفرج وهو يلقى في البئر "وأوحينا إليه لتنبأنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون"، أي فرج هذا؟ أوحى الله إليه وحي إلهام .. لا تخف من الهلاك، لا تخف ستعيش، وستصل إلى مكانة ومنزلة تنبئهم بأمرهم، بكيدهم وهم لا يشعرون.
وكلمة "وهم لا يشعرون" تدل دلالة خاصة، فنقله نقلة عظيمة من الجو المحيط به في داخل البئر إلى معنى آخر يقول له فيه: إنك ستعيش وسيكون لك شأن، وأنت الذي ستخبرهم بما فعلوا "قالوا أإنك لأنت يوسف قال أن يوسف وهذا أخي قد من الله علينا" .. هذا فرج والله عظيم.
ونواصل أيضاً مع هذا الفرج الذي يتوالى كل ما نزلت شدة، وضعوه في البئر، تركوه، ذهبوا، هذه أيضاً شدة ولاشك، وإن كان أوحي إليه لينبأنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون، لكنه لا يعلم متى سيخرج من هذه البئر، وما هي إلا مدة زمنية قصيرة يدل عليها سياق الآيات وسياق القصة "وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام" هذا فرج آخر، حيث لم يمكث في البئر طويلاً، فما هو إلا أن جاء من يبحث عن الماء فتعلق بالدلو فخرج من البئر، إذن هي مدة قصيرة، وهذا فرج آخر غير الفرج الأول.
¥