تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[علم السياق القرآني [14] (أبرز المفسرين عناية بالسياق [1]]

ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[25 Apr 2007, 10:01 م]ـ

أبرز المفسرين الذين اعتنوا بالسياق، ومناهجهم في تناوله إجمالاً

اعتنى المفسرون بالسياق عناية ظاهرة، ورعوه حق رعايته، وأنزلوه منزلته العالية في التفسير من لدن الإمام ابن جرير الطبري الذي أجاد وأفاد في مجال التأصيل والتطبيق، وانتهاء بالتفاسير الحديثة، ويحسن في هذه الدراسة أن ألقي الضوء على عنايتهم بالسياق ومناهجهم في تناوله إجمالا.

أولاً: الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره (جامع البيان في تأويل آي القرآن).

تفسير ابن جرير هو عمدة التفاسير في تناول السياق تأصيلاً وتطبيقاً، وقد اعتمد ابن جرير السياق وقدمه على غيره، وقرره بقواعد مهمة في التفسير.

قال محمود شاكر ([1]): " .. لم يغفل عن هذا الترابط الدقيق بين معاني الكتاب، سواء كان ذلك في آيات الأحكام، أو آيات القصص أو غيرها من نصوص هذا الكتاب، فهو يأخذ المعنى في أول الآية ثم يسير معه كلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، ثم جملة جملة، غير تارك لشيء منه، أو متجاوز عن معنى يدل عليه سياقها" ([2]).

وقد درِس الشيخ عبد الحكيم القاسم - وفقه الله - منهجه في السياق دراسة مستقلة بعنوان (دلالة السياق القرآني وأثرها في التفسير دراسة نظرية تطبيقية من خلال تفسير ابن جرير الطبري).

وعرض لمنهجه وأبرز قواعد السياق التي اعتمد عليها ابن جرير، حيث عقد فصلاً كاملاً في طريقة تناوله للسياق، استخلص فيه بعض القواعد التي قررها ابن جرير في السياق فقال: "لقد كانت القواعد التي سار عليها الإمام فيما يخص بحث هذه الرسالة، وهو ما يتعلق بدلالة السياق القرآني حسب حصري لها: تسع قواعد، جمعت في هذا الباب، واختصت كل قاعدة بمبحث، محاولة لتأصيل وتقعيد منهج ابن جرير رحمه الله في التعامل مع السياق وهي كالتالي:

الأولى: الكلام على اتصال السياق، ما لم يدل دليل على انقطاعه ([3]).

الثانية: إذا تتالت كلمتان، والثانية نعت فإنها تحمل على سابقتها.

الثالثة: أولى تفسير للآية ما كان في سياق السورة.

الرابعة: النظر إلى ابتداء الآيات معين على معرفة مناسبة خاتمتها.

الخامسة: إذا لزم من تفسير الآيات التكرار الذي لا معنى له، فذلك خُلفٌ ينزه القرآن عنه.

السادسة: يختار من المعاني ما اتسق وانتظم معه الكلام؟

السابعة: تعيين من نزل بهم الخطاب لا يعني تخصيصهم، بل يدخل من يشابههم

الثامنة: الأولى في التفسير أن يكون الوعيد على ما فتح به الخبر من الفعل المذكور السابق.

التاسعة: لا يفسر السياق إلا بالظاهر من الخطاب.

وكل قاعدة أفردت في مبحث مستقل، ليتم النظر إليها، وإلى تطبيقاتها، بشيء من التفصيل، عسى أن تتضح في الأذهان، وتستعمل في تفسير القرآن، وغيره من البيان" ([4]).

وكفى بهذا الإيضاح بياناً لعناية ابن جرير بالسياق، وطريقة تناوله فيه. وقد تجلى لي ذلك في بيان سياق سورة البقرة. وسيأتي مزيد بيان وتفصيل وتمثيل لهذه القواعد في مبحث مستقبل بإذن الله.

ثانياً: الزمخشري في تفسيره (الكشاف).

والزمخشري من أبرز المفسرين الذين اعتمدوا السياق في تفسيرهم، ويدلك على ذلك تمكنه من اللغة والبلاغة.

وقد صرح الزركشي بمنهجه وعنايته بالسياق فقال: "ولهذا ترى صاحب (الكشاف) يجعل الذي سيق له الكلام معتمداً حتى كأن غيره مطروح" ([5]).

وغالب تناوله للسياق من جهة العناية بالروابط ووجوه العلاقة والتراكيب والإعراب.

ومثال ذلك ما ورد في تفسيره في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا} [البقرة 25].

قال: "فإن قلت: من المأمور بقوله تعالى: {وَبَشِّر}؟ قلت: يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون كل أحد .. وهذا الوجه أحسن وأجزل؛ لأنه يؤذن بأن الأمر لعظمه وفخامة شأنه محقوق بأن يبشر به كل من قدر على البشارة به.

فإن قلت: علام عطف هذا الأمر ولم يسبق أمر ولا نهي يصح عطفه عليه؟ قلت: ليس الذي اعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهي يعطف عليه؛ إنما المعتمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين، فهي معطوفة على جملة وصف عقاب الكافرين" ([6]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير