تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هل (الشيخ الدكتور) مصطلح متناقض. أي إما شيخ أو دكتور!!؟]

ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[22 May 2007, 09:27 ص]ـ

الحمد لله الرحيم الرحمان، والصلاة والسلام على محمد العظيم الشان، وعلى الآل والصُّحبان وبعد

حسن جدا أن يضرب المرء من كل كنانة بسهم، وأن تتعاون الذوات المعنوية المجردة منها والحسية المجسدة.

ولما كانت الحياة فردية تبدأ وتنتهي بالفرد، كانت الذات البشرية المفردة ذات الوعي الخاص المتفرد والإرادة الحرة في نطاق كينونتها هي الذات المجسدة الوحيدة، وسائر الذوات والشخصيات معنوية مجردة مستقراة من سمات مشتركة بين مجموعة ذوات قد تشكل أسرة أو قبيلة أو شعبا أو أمة، وهذه السمات التي تضفي على مجموعة صفة ذات (هوية) قد تكون لغوية، أو عرقية، أو فكرية (مجموعة أفكار تفسر الحياة والوجود وأساسها الدين ثم التاريخ ثم التفكير العلمي).

والسمات أيضا قد تكون دائمة أو وقتية، وقد تكون مؤثرة في الروح والوعي وقد تكون إنسانية بعيدة عن مجرى التنافس والهوية والروح كالسمات المشتركة بين الموسيقيين والشعراء بوصفهم كذلك

وههنا حوار جرى بيني وبين صاحب لي عن اقتباسنا لنظام التعليم الغربي شكلا دون أن نبالي به مضمونا

فنحن على ما يظهر من تنظيماتنا بعد تشكل دولنا الحديثة قد أعجبنا بنظامهم التعليمي فبنينا مدارسنا على أساسه، وأخذ مثقفونا وأبناؤنا ممن يكملون تعليمهم يفرحون ويتبادلون التهاني بحصولهم على هذه الشهادات الغربية كالدكتوراه والماجستير، رغم أنهم أو أننا في أعماقنا لا نعترف بطريقتهم في التفكير ولا بـ"ـعلميتهم"،، فترانا نفرح بشتم أي دارس لثقافتنا ممن لا ينتمي إليها ونشكك في نيته.

الآن لو كتب أحد "دكاترتنا" كإبراهيم عوض أو غيره عن تجريح علماء الغرب الباحثين في حضارة من حضارات الشرق هي حضارتنا لوجدتنا نفرح ونسارع في اقتناء وقراءة أي تجريح بهم أو نقد لهم. ونحن نسارع فنصف المجرح لهم بالإنصاف، والناظر إليهم بهدوء بالمتفرنج و"الخائن" للهوية.

فنحن على ما يبدو نعيش ازدواجا في وعينا لا نعرف سببه، ولكن لا ينبغي أن نغض الطرف طويلا عن التفكير فيه.

لصاحب لي رأيٌ أحببت أن أضعه هنا للنقاش الهادئ شأن ما يتدارسه الناس في نديِّهم ويتجاذبون أطراف الحديث فيه.

إذ يرى هذا الرجل أن مصطلح (الشيخ الدكتور) مصطلح متهافت متناقض من حيث المبنى والمعنى وتاريخ الثقافة وعلم المصطلح.

وحين استخبرناه واستكهناه أجاب أن كلمة دكتور مصطلحا مشتقة لغةً من دوسير اللاتينية بمعنى العلم، وإلى هنا فلا مانع أن تطلق على كل عالم. لكنها ليست مفردة لغوية بل مصطلح في نظام تعليم متدرج متسلسل هو التعليم الأكاديمي الغربي الذي وطده الإنكليز والإفرنسيون والألمان وغيرهم من شعوب أوربة .. وأن حامل الـ ( PhD) يحمل شهادة دكتوراه في الفلسفة لأن Ph مختصر Philosophy و D- مختصرة من Doctorate ، وهذا لأن الفلسفة في النظام التعليمي الأكاديمي الغربي كانت إبان وضع الشهادات أم العلوم والمسيطرة عليها، ثم أخذت العلوم تستقل عنها، لكن ليس استقلالا كاملا ولذلك تظل لها سيادة من نوع ما.

وتساءل: كيف يحمل PhD في الفلسفة من يملك موقفا معاندا مضادا للفلسفة؟

فالذي يملك موقف مؤسسة التعليم الإسلامي القديم من الفلسفة، المؤسسة التي تبدأ بالكتاب وتنتهي بتخريج الشيخ، هذا الرجل عليه أن يحمل شهادة تعليم شفاهي تقوم على الرواية والحفظ وتعطي شهادات بحسب بروتوكولها ونظامها من شيخ وحافظ ومفيد ومقرئ ومحدث وعالم وعلامة بحسب كلياتها التي صنفت في رجالاتها كتب الطبقات كالحفاظ والفقهاء والقراء ....

وليس أن (يتطفل) - والكلام لصاحبنا- على مؤسسة اخرى مستقلة بتأسسها وطريقة تفكيرها الكتابية المادية الفلسفية فيأخذ منها شهادة الـ ( PhD) ويصبح دكتورا في الفلسفة، في شيء يعاديه ويرفضه ويبني حياته على ضدِّه.

ثم قال: قال أحد الفلاسفة: إن الذين يعادون الفلسفة ينتمون عند نهاية التحليل إلى أضيق المذاهب الفلسفية على الإطلاق.

يعني أن الفلسفة هي علم العقل وهي تصنف كل شيء وكل طريقة تفكير قام بها الإنسان، فالتعالي الذي يحاوله المنتمون إلى المؤسسة التقليدية على الفلسفة تنظر إليه الفلسفة بعين أخرى، أعلاها الرأفة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير