تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فتأمل كيف وجه الخطاب في المسألة الأولى إلى السياق وهو التعظيم والتفخيم للأمر. ووجه المعنى في المسألة الثانية إلى السياق في مقابلة حال المؤمنين لحال الكفار.

ثالثاً: الراغب الأصفهاني في (مفردات ألفاظ القرآن).

يعتبر الراغب الأصفهاني من أبرز المفسرين وأهل اللغة عناية ببيان السياق القرآني، من خلال كتابه المفردات خاصة، وذلك أنه يجمع الكلمات الغريبة في القرآن ويبين معناها حسب سياقها الذي وردت فيه، وهو من أهم ينبغي الرجوع إليه في معرفة السياق.

ويؤكد عنايته بجانب السياق الزركشي فيقول: "وهذا ـ أي النظر إلى الآية بحسب السياق ـ يعتني به الراغب كثيراً في كتاب المفردات فيذكر قيداً زائداً على أهل اللغة في تفسير مدلول اللفظ لأنه اقتنصه من السياق" ([7]).

وقال أيضاً في حديثه عن كتب غريب القرآن: (ومن أحسنها كتاب (المفردات) للراغب وهو يتصيد المعاني من السياق؛ لأن مدلولات الألفاظ خاصة" ([8]).

رابعاً: ابن عطية في تفسيره (المحرر الوجيز).

يعتبر ابن عطية من أبرز المفسرين في العناية بالسياق واعتباره في التفسير، وقد اعتمد عليه في جانب بيان المعنى المراد، والعلاقات النحوية في الآية، وبيان الراجح على وجه الخصوص.

ويؤكد ذلك أحد الدارسين لتفسيره، فيقول وهو يقارن بين تفسير ابن جرير وابن عطية: " .... كما نرى توسعاً ملحوظاً ـ عند ابن عطية ـ في بيان الألفاظ اللغوية ومعانيها في الجملة، ومعنى الجمل نفسها في السياق العام الذي تنساق فيه الآية، ثم ينتفع انتفاعاً طيباً بما استقر من الدارسات الأدبية وبخاصة البلاغية" ([9]).

وقال صاحب (قواعد الترجيح عند المفسرين) في تقريره لقاعدة من قواعد السياق وهي (إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده أولى من الخروج به عنهما إلا بدليل) ذكر من اعتمد على هذه القاعدة من المفسرين فقال: "ومنهم ابن عطية: فهي عنده من قواعد الترجيح الأساسية، ورجح بها كثيراً من الأقوال، وضعّف بها كذلك كثيراً من الأقوال، في متن كتابه، فمن هذه المواضع التي رجّح بهذه القاعدة فيها، قوله - معلقاً على قول خالف هذه القاعدة -: (وهذا تفسير من انتزع ألفاظ آخر الآية عما تقدمها، وارتبط بها من المعنى، وعمّا تأخر أيضاً) ([10]) " ([11]).

ومن الأمثلة الدالة على اعتماده السياق في الترجيح ما ذكره في تفسير قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} الآية [البقرة: 266] قال في المراد بالمثل في الآية: "حكى الطبري عن السدي أن هذه الآية مثل آخر لنفقة الرياء، ورجح هو هذا القول، وحكى عن ابن زيد أنه قرأ قول الله تعالى: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى" (البقرة: 264)، ثم قال ضرب في ذلك مثلاً فقال: {أيود أحدكم} الآية. قال القاضي أبو محمد: وهذا أبين من الذي رجح الطبري، وليست هذه الآية بمثل آخر لنفقة الرياء، هذا هو مقتضى سياق الكلام" ([12]).

فنجده قد خالف الطبري ورجح ما ذهب إليه ابن زيد اعتماداً على السياق.


([1]) محمود محمد شاكر علامة في الأدب واللغة حائز على جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي مات سنة 1997 م انظر: إتمام الأعلام لنزار أباظة ومحمد رياض المالح 1/ 432

([2]) ((جامع البيان بتحقيق شاكر)) (4/ 537).

([3]) هذه القاعدة من أعظم قواعد التفسير التي اعتمدها ابن جرير وهي متضمنة لبعض القواعد التي قررها الباحث، وقد قرر الحربي هذه القاعدة في كتابه ((قواعد الترجيح عند المفسرين)) ونص على اعتماد ابن جرير لها في التفسير فقال: (استعمل ابن جرير هذه القاعدة في مواطن كثيرة جداً في كتابه، ونص عليها بلفظها كذلك في مواضع كثيرة، فهي من القواعد الأساسية التي اعتمدها في الترجيح) انظر: ((قواعد الترجيح عند المفسرين)) (1/ 128).

([4]) ((دلالة السياق القرآني وأثرها في التفسير)) (ص111).

([5]) ((البرهان في علوم القرآن)) (1/ 317).

([6]) ((الكشاف)) (1/ 64).

([7]) ((البرهان)) (1/ 291).

([8]) ((البرهان)) (1/ 291).

([9]) ((نشأة التفسير للدكتور السيد خليل)) (ص50).

([10]) انظر: ((المحرر الوجيز)) (2/ 356).

([11]) ((قواعد الترجيح عند المفسرين)) (1/ 129).

([12]) ((المحرر الوجيز)) (1/ 330).

ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[27 Apr 2007, 07:25 م]ـ
الشيخ الدكتور محمد الربيعة بارك الله فيكم على هذه الحلقات في موضوع السياق القرآني وأنا من المهتمين كثيرا بهذا الموضوع فهل يمكنكم التفضل بارشادنا الى كتب وأبحاث تناولت موضوع السياق في القرآن وهي موجودة على الشبكة العنكبوتية وجزاكم الله خيرا

ـ[النجدية]ــــــــ[20 Oct 2010, 08:11 ص]ـ
جزاكم الرحمن الجنة؛ بما نفعتموني حضرة الأستاذ الفاضل
وماذا عن الإمام أبي السعود؟!!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير