قال التفتازاني في شرحه: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك، يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال العرفان ومحض الإيمان. انتهى.
قال ابن الصلاح في فتاويه: فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإيهام والإلباس. انتهى.
قلت: وما ذكره ابن الصلاح في غاية الجودة والصلاح.
وقال حجة الإسلام في الإحياء: تحريم التكلم بغير المسموع باطل؛ إذ لا يصادف السماع من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا في بعض الآيات، والصحابة من بعدهم اختلفوا اختلافا لا يمكن فيه الجمع، ويمتنع سماع الجميع من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأخبار والآثار تدل على اتساع معانيه. قال عليه السلام لابن عباس: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل»، ولو كان مسموعا فلا وجه للتخصيص. وقال عز وجل: ?لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ ? [النساء:83]. وقال أبو الدرداء: لا يفقه الرجل حتى يجعل للقرآن وجوها. وقال علي رضي الله عنه: لو شئت لأوقرت سبعينا بعيرا من فاتحة الكتاب. وقال ابن مسعود: من أراد علم الأولين والآخرين، فليثور القرآن، أي يتفكر في معانيه. وقال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم، وما بقي من فهمها أكثر. إلى آخر ما قال.
وحاصل هذه المسألة باختصار أن علوم القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم لم يطلع الله أحدا من خَلْقه عليه، وهو ما اشتمل عليه من الأسرار التي لا يعلمها إلا هو سبحانه، فلا يجوز لأحد الكلام فيه إجماعًا.
الثاني: ما أطلع نبيه عليه من أسراره واختصه به، فلا يجوز الكلام فيه إلا له ـ عليه السلام ـ أو لمن أذن له من وارثي علمه وحاله. قيل: وأوائل السور من هذا القسم. وقيل: من القسم الأول.
الثالث: ما علَّمه اللهُ تعالى لنبيِّه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعلميها. وهو قسمان:
ـ ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع، كالناسخ والمنسوخ وأسباب النزول.
ـ وما يؤخذ بطريق الاستنباط. وهو قسمان:
ـ مختلف في جوازه: وهو تأويل الآيات المتشابهات في الصفات.
ـ ومتفق على جوازه: وهو استنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعراب وثبوت البلاغة لمن فيه أهلية ذلك.
وما عدى هذه الأمور من التفسير بالرأي المنهي عنه.
وموضوعه: القرآن من الحيثية المذكورة.
والقرآن: الكلام العربي المنزَّل على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المتحدى به بأقصر سورة منه، المنقول تواترا. ويقال له: كلام الله كالصفة القديمة وما بين الدفتين، فاشتراكه لفظي بين هذه المعاني الثلاثة.
واستمداده، قالوا: من علمي أصول الدين والفقه.
والغرض منه: معرفة الأحكام الشرعية العلمية والعملية.
انتهى النقل.
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[30 Apr 2007, 12:55 م]ـ
الكتاب حقق كرسالة علمية.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[30 Apr 2007, 01:20 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه المعلومة المفيدة ..
وليتها كانت موثقة ..
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[30 Apr 2007, 02:12 م]ـ
لا أذكر بالضبط أين نوقشت ولعلي أنشط للبحث عنها، غير أنها إما في الأزهر أو الجامعة الإسلامية والله أعلم.
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[05 May 2007, 11:34 م]ـ
ليتك اخي الكريم محمد تذكر لي مكان وجود هذا الكتاب لحاجتي الشديدة اليه
وفقك الله لكل خير
ـ[الجكني]ــــــــ[06 May 2007, 12:19 ص]ـ
نوقشت قبل عدة سنوات في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة،وعندي منها نسخة،لكن لا أعلم أنها طبعت أم لا 0