تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ورواه أبو بكر الحُميدي في مسنده ()، عن سفيان بن عيينة، حدثنا عبدة بن أبي لُبَابة وعاصم بن بهدلة، أنهما سمعا زر بن حبيش قال: سألتُ أبي بن كعب عن المعوذتين، فقلت: يا أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يَحُكهما من المصحف. فقال: إني سألت رسول الله ?، فقال: "قيل لي: قل، فقلت". فنحن نقول كما قال رسول الله ?.

وقال البخاري (): حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا عَبدَةُ بن أبي لُبَابة، عن زر بن حُبَيش -وحدثنا عاصم عن زر-قال: سألت أبي بن كعب فقلت: أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال: إني سألت النبي ? فقال: "قيل لي، فقلت". فنحن نقول كما قال رسول الله ?.

ورواه البخاري () أيضًا والنسائي، عن قتيبة، عن سفيان بن عيينة، عن عبدة وعاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، به.

وقال الحافظ أبو يعلى (): حدثنا الأزرق بن علي، حدثنا حسان بن إبراهيم، حدثنا الصَّلْت بن بَهرَام، عن إبراهيم، عن علقمة قال: كان عبد الله يَحُك المعوذتين من المصحف، ويقول: إنما أمر رسول الله ? أن يتعوذ بهما، ولم يكن

عبد الله يقرأ بهما.

ورواه عبد الله بن أحمد من حديث الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه، ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله -قال الأعمش: وحدثنا عاصم، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب قال: سألنا عنهما رسول الله ?، قال: "قيل لي، فقلت".

قلت: فهذه الأحاديث كلها تدل على أن ابن مسعود ? كان يرى أن المعوذتين ليستا من القرآن , وأنه كان يمحوهما من المصحف.

وقد اختلف الأئمة قديما وحديثا في هذا المروي عن ابن مسعود ? فمنهم من رد الرواية عنه وضعفها بل وبالغ في إنكارها كصنيع ابن حزم رحمه الله، ومنهم من صحح الرواية واعتذر عنها بما لا يخلو من ضعف، ومنهم من صحح الرواية واعتذر عنها بما يليق بمكانة هذا الصحابي الجليل ومنزلته.

وخلاصة هذا الإشكال أنه ورد عن صحابي جليل من كبار الصحابة و علمائهم روايات تدل على أنه كان ينكر سورتين من سور القرآن الكريم الثابتة بالتواتر.

وقد استغلت بعض الفرق المبتدعة كالشيعة () وغيرهم من المستشرقين والجهال هذه الروايات , وطعنوا في تواتر القرآن الكريم وفي حفظ الله تعالى له , وقالوا بأن الصحابة حرفوا القرآن وغيروا فيه وحذفوا منه أشياء كما زعم الشيعة أنهم حذفوا اسم علي

وأسماء آل البيت منه.

وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ هَذَا الْمَوْضِع غير واحد من العلماء ومنهم الْفَخْرُ الرَّازِيَُّ فَقَالَ: إِنْ قُلْنَا إِنَّ كَوْنهمَا مِنْ الْقُرْآن كَانَ مُتَوَاتِرًا فِي عَصْر اِبْن مَسْعُود لَزِمَ تَكْفِير مَنْ أَنْكَرَهَا، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ كَوْنهمَا مِنْ الْقُرْآن كَانَ لَمْ يَتَوَاتَر فِي عَصْر اِبْن مَسْعُود لَزِمَ أَنَّ بَعْض الْقُرْآن لَمْ يَتَوَاتَر. قَالَ: وَهَذِهِ عُقْدَة صَعْبَة ().

المبحث الثاني: أقوال العلماء في حل هذا الإشكال و الجواب عنه.

ذكرت في المبحث السابق أن العلماء اختلفوا في هذا المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فمنهم من رد الرواية عنه وضعفها بل وبالغ في إنكارها كصنيع ابن حزم رحمه الله، ومنهم من صحح الرواية واعتذر عنها بما لا يخلو من ضعف، ومنهم من صحح الرواية واعتذر عنها بما يليق بمكانة هذا الصحابي الجليل ومنْزلته.

وفيما يلي سرد لبعض أقوالهم في ذلك:

أولا: أقوال العلماء الذين أنكروا هذه الروايات عن ابن مسعود ?:

• قال الإمام النووي رحمه الله: «أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن. وأن من جحد شيئا منه كفر. وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه» ().

• وقال ابن حزم رحمه الله: هذا كذب على ابن مسعود وموضوع وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زر عنه وفيها المعوذتان والفاتحة ().

• وقال الباقلاني رحمه الله (): ولو كان قد أنكر السورتين على ما ادعوا، لكانت الصحابة تناظره على ذلك، وكان يظهر وينتشر، فقد تناظروا في أقل من هذا، وهذا أمر يوجب التكفير والتضليل، فكيف يجوز أن يقع التخفيف فيه؟! وقد علمنا إجماعهم على ما جمعوه في المصحف، فكيف يقدح بمثل هذه الحكايات الشاذة المولدة في الإجماع المقرر، والاتفاق المعروف؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير