مثال ذلك (اسم الجنس) إذا غلب في العرف على بعض أنواعه كلفظ (الدابة) إذا غلب على (الفرس) قد نطلقه على الفرس باعتبار القدر المشترك بينها وبين سائر الدواب، فيكون متواطئاً، وقد نطلقه باعتبار خصوصية الفرس؛ فيكون مشتركاً بين خصوصية الفرس وعموم سائر الدواب، ويصير استعماله في الفرس تارة بطريق التواطؤ، وتارة بطريق الاشتراك) [16].
ولعل التمييز بين المتواطئ والمشترك قد لاح، وهو أن الأسماء المتواطئة تشترك في اللفظ والمعنى.
أما المشتركة فإنها متفقة اللفظ مختلفة المعنى، وهذا ما يؤكده ابن تيمية بقوله: (الأسماء المتفقة اللفظ قد يكون معناها متفقاً وهي المتواطئة، وقد يكون معناها متبايناً وهي المشتركة اشتراكاً لفظياً كلفظ سهيل المقول على الكوكب، وعلى الرجل) [17].
ولزيادة الإيضاح ولأجل أن يُميز بين المشترك والمتواطئ فهذان مثالان على ذلك، الأول: العين تطلق على عدة معان مختلفة، فهذا مثال للمشترك، وقد مرت أمثلة عديدة من ذلك.
والمثال الثاني: لفظ (الوجود) فهو يطلق على وجود الخالق وعلى وجود المخلوق، فمعنى الوجود - بمفهومه العام - واحد وهو ضد العدم، ولكنه يختلف من جهة إضافته فهذا مثال للمتواطئ.
وبناءاً على ذلك يمكن أن يقال: إن المشترك ما اتحد لفظه واختلف معناه، والمتواطئ هو ما اتحد لفظه ومعناه، ولكنه يختلف باختلاف السياق والإضافة.
ثم إن من أنواع المتواطئ المشكك، أو ما يعرف بالمتواطئ المشكك؛ فهو نوع من المتواطئ العام الذي يراعى فيه دلالة اللفظ على القدر المشترك سواء كان المعنى متفاضلاً في موارده أو متماثلاً [18].
فإن كان المعنى متساوياً في الجميع فهو المتواطئ المطلق، مثل لفظ الإنسان والرَّجل يدلان على زيد وعمرو.
وإن كان المعنى متفاوتاً متفاضلاً فهو المتواطئ المشكك كالنور: للشمس والسراج.
وقد يدخل فيه لفظ الوجود؛ فإنه في الخالق أولى، وأعظم منه في المخلوق.
قال الجرجاني -رحمه الله- في تعريف المشكك: (هو الكلي الذي لم يتساوَ صدقه على جميع أفراده، بل كان حصوله في بعضها أولى، أو أقدم، أو أشد من البعض الآخر كالوجود؛ فإنه في الواجب أولى وأقدم وأشد في الممكن) [19].
ولعل سبب تسميته مشككاً أن الناظر فيه يشك في المراد منه.
مثال ذلك: اسم (الحي) فمن نظر إلى أصل الحياة قال: إنه نوع من المتواطئ؛ إذ الحياة ضد الممات في الأصل.
ومن نظر إلى الاختلاف والتباين في حياة المخلوق والخالق قال: إنه من المشترك، ومن هنا سمي مشككاً.
ولهذا يحسن أن يقال عن المشكك: إنه ما اتفق في أصله، واختلف في وصفه.
[1] التعريفات ص215.
[2] الصاحبي ص59.
[3] مجموع الفتاوى 20/ 227 ولو قال على معنيين أو أكثر لكان أولى.
[4] المزهر 1/ 369.
[5] مجموع الفتاوى 20/ 227.
[6] مجموع الفتاوى 20/ 234.
[7] المزهر 1/ 369 - 370، وانظر الصاحبي ص59 - 60، وفقه اللغة د. علي عبدالواحد وافي ص145 - 148.
[8] انظر الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية ص169.
[9] اانظر المزهر 1/ 370 - 386، وانظر معجم الألفاظ المشتركة في اللغة العربية لعبدالحليم محمد قنبس.
[10] المزهر 1/ 376 - 377.
[11] البحث الصوتي والدلالي عند الفيلسوف الفارابي، لرجاء الرفاعي رسالة ماجستير على الآلة الكاتبة ص184، وانظر الدراسات اللغوية ص165.
[12] التعريفات ص199.
[13] انظر مجموع الفتاوى 3/ 123 - 129.
[14] مجموع الفتاوى 20/ 234.
[15] من كبار فقهاء الشافعية ت738.
[16] مجموع الفتاوى 11/ 83.
[17] مجموع الفتاوى 20/ 234، وانظر الدراسات اللغوية والنحوية 165 - 167 ففيها تفصيل جيد.
[18] انظر التدمرية ص130.
[19] التعريفات للجرجاني ص216.
ـ[المتفائل]ــــــــ[14 May 2007, 02:50 م]ـ
ما الفرق بين المشترك والمتواطئ والعام؟
ما علاقة قاعدة حمل ألفاظ النصوص الشرعية على العموم بالمشترك والمتواطئ؟
وفقك الله وبارك فيك