ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 05 - 2009, 04:02 م]ـ
السلام عليكم
ما ذكره الأستاذ منذر أبو هواش يجيب على المسألة بشكل واف شاف
وأضيف للتوضيح لا للزيادة أنّ ذكر القتل بدأ به في معرض ردّه على قولهم السابق من أنّهم قتلوا المسيح عليه السلام فناسب أن يبدأ بتفنيد هذا الزعم بما يناسبه ومن جنس الزعم هذا , فلما قالوا: "إنّا قتلنا المسيح " بدأ بتفنيد هذا الزعم فقال: " وما قتلوه "
ثمّ زاد الأمر توضيحا أنهم ما صلبوه لزعمهم أنّ الصلب كان وسيلة القتل , ففنّد هذا الزعم لتأكيد عدم قتله بأي وسيلة كانت , لا بصلب ولا بغيره , ثمّ وضّح حقيقة مصيره عليه السلام , فقال " بل رفعه الله إليه "
والله أعلم
ـ[السلفي1]ــــــــ[18 - 05 - 2009, 05:26 م]ـ
بسم الله.
قلتُ , وبالله تعالى التوفيق والسداد:
قال الله تعالى:
" وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ
وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)
بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) " من سورة النساء.
في الآية:
زعم اليهود وقالوا إنا قتلنا عيسى بن مريم , وأشاعوه. فرد عليهم ربنا عز وجل مكذبًا
قولهم وزعمهم , فقال: " وما قتلوه ".
فنفى الله تعالى أن يكونوا قتلوه ,
ولما كانت الفرية التي أراد ربنا عز وجل دحرها هي قتل عيسى عليه السلام , بدأ بقوله
" وما قتلوه " ردًا على أصل زعمهم , ومشاكلة لكلامهم ,ومناسبة للحال والمقام والسياق.
ثم نفي القتل لازم منه نفي الصلب المتقدم عليه هنا , ووجه:
أن اليهود لما خرجوا لقتل عيسى عليه السلام , أحاطوا به في بيت مع نفرٍ من حواريه
(قيل اثنا عشر وقيل ثلاثة عشر وقيل سبعة عشر وقيل تسعة عشر) , فلما دخلوا عليهم
شُبه لهم أي: رأوا أن الكل على شكل وشبه وصورة عيسى فلم يعرفوه , وقيل رأوا رجلًا
على شكل عيسى - وكان قد أُلقي عليه شبه عيسى - ,
فعلى الأول أخذوا رجلًا من الحواريين (الجمع الملقى عليه شبه عيسى) ,
وعلى الثاني أخذوا الرجل الذي شُبه لهم أنه عيسى , فقتلوة ,
وهو شاكون فيه أنه عيسى حتى قال بعضم الوجه وجه عيسى والجسد
ليس بجسد عيسى , ومن هنا وقع لهم الخلاف في قتل عيسى ,
منهم من قال: قتلناه , ومنهم من قال: لا.
وهذا قوله: " ولكن شبه لهم ........ ".
فعندما قتلوا الرجل الذي رأوه أنه عيسى كانوا في شك منه: هل هو عيسى أم لا؟
هل هذا الموقف يناسب أن يأخذوا هذا الرجل المشكوك فيه , فيصلبوه ثم يقتلوه أم المناسب
أن يقتلوه بمجرد أن وجدوه؟ الثاني.
فالواقع منهم أولًا هو القتل , فلما ادّعوا بمقتضاه قتلَ عيسى قال الله: " وما قتلوه ".
ولما وقع منهم القتل دون صلب كان نفي القتل نفيًا للصلب.
فإن قلتَ: وما وجه مناسبة قتل الرجل الذي شبه لهم دون صلبه؟
قلتُ: شكهم فيه إذْ لو صلبوه , وأبقوه فترة حيّاً لربما بان أمره أنه ليس بعيسى , فإن قتلوه
بعد أن تبين أمره للناس قال الناس قتلوا لكنهم لم يقتلوا عيسى. وحينئذٍ يثبت كذبهم للناس
في قولهم: إنا قتلنا المسيح ... .
فإن قلتَ: ولم قال تعالى: " وما صلبوه " إن كان نفي القتل يلزم منه نفي الصلب؟
قلتُ: ليّ فيها وجهان:
الأول: أن قول الله تعالى: " وما صلبوه " إجابة على توهم مضمر من السامع.
والتقدير: فإن قال متوهمٌ ما قتلوه لكن ربما صلبوه دون قتل , قلنا: " وما صلبوه ".
الثاني: أنه ورد في بعض الروايات أنهم بعد قتلهم لمن شُبه لهم , وكانوا في شك من كونه
عيسى صلبوه أيامًا على خشبة , ولكن وضعوا عنده حرسًا يدفع الناس عنه حتى لا يكتشف
أنه ليس بعيسى , فلما ادعوا صلبهم لعيسى بعد قتله قال تعالى: " وما صلبوه ".
فهذه الرواية دالة على أنهم قتلوا أولًا ثم صلبوا وافق ذلك عادتهم أو خالفها ,
فناسب أن ينفي الله تعالى الأحداث طبقًا لادعائهم فعلها.
فهم ادّعوا أنهم قتلوه ثم صلبوه فقال تعالى: " وما قتلوه وما صلبوه ".
هذا ما توصلتُ إليه بعد بحثي , والله أعلم , وهو الموفق.
¥