[من سورة البقرة]
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 08:21 ص]ـ
من مشاهد بني إسرائيل في سورة البقرة:
من قوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ)
"الكتاب": "أل: عهدية": تشير إلى كتاب بعينه وهو التوراة، بخلاف "أل في "الكتاب" في قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)، فـ: "أل": جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه فتعم كل الكتب السماوية النازلة.
"بِرُوحِ الْقُدُسِ": من إضافة الموصوف إلى صفته، فيكون المعنى: الروح المقدسة، وجيء بالوصف مصدرا، إمعانا في وصف جبريل عليه الصلاة والسلام بالطهر.
واختار الحسن، رحمه الله، أنه من إضافة المخلوق إلى خالقه تشريفا، فالقدس هو: "الله"، فيكون على وزان وصف عيسى عليه الصلاة والسلام بـ: "روح الله"، فالإضافة إلى الخالق، عز وجل، تشريفا.
"أَفَكُلَّمَا": استفهام إنكاري توبيخي إذ ما بعده حاصل، والفاء عاطفة لجملة مقدرة بعد همزة الاستفهام فيكون في الكلام: إيجاز بالحذف، فيقدر نحو: أأمنتم عذاب الله وغركم صبره فكلما جاءكم .........
"فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ": تقديم المفعول مشعر بتحقق الفعل ولذلك لا يحسن في مثل هذا التركيب الاستفهام بـ: "هل"، فلا يقال: هل فريقاً كذبتم، لأن "هل" إنما يستفهم بها تصديقا لا تصورا، والسياق يؤيد تحقق الفعل، فهو في حكم الواقع، فعلام السؤال وقوع عن أمر واقع؟!!.
"وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ": احتجاج بالقدر على الشرع، على طريقة الجبرية!!!!.
"بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ": إضراب انتقالي فلا يبطل ما قبله، فقلوبهم غلف قد طبع الله، عز وجل، عليها كونا، وإن أراد الإيمان منهم شرعا على وزان قوله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)، فحكم عليه، جل وعلا، بالتباب كونا، وإن خوطب كغيره بالإيمان شرعا.
"فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ": إيجاز بالحذف، فتقدير الكلام: فإيمانا قليلا يؤمنون، فحذف الموصوف وأقام الصفة محله وهذا أمر مطرد في لغة العرب، على وزان:
قوله تعالى: (من عمل صالحا): أي عملا صالحا.
وقوله تعالى: (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ)، أي: دروعاً سابغات.
وقول فريد عصره أبي الطيب المتنبي:
مفرشي صهوةُ الحصانِ ولكنَّ ******* قميصي مسرودةٌ من حديدِ
أي: درع مسرودة
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
¥