تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ)

ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 02 - 2009, 08:55 م]ـ

من قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ: إيجاز بحذف جملة مقدرة عطف عليها ما بعد الواو، فتقدير الكلام: أقعدوا ولم يسيروا في الأرض، ففي الاستفهام معنى الإنكار والتوبيخ، وهو ما يلائم سياق الكلام عن المكذبين، فهم مظنة الغفلة والإعراض وقلة التدبر والقعود عن كل شأن عظيم والنهوض لكل آخر حقير، فالهمم بقدر ما وقر في القلوب من الإيمان.

في الأرض: ظرفية تفيد التمكين، فالسير يكون على الأرض لا فيها، فجيء بـ: "في" إمعانا في توكيد المعنى.

فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ:

مسبب ما تقدم، فالفاء للسببية، ولذلك نصبت ما بعدها، فنظر البصر والبصيرة فرع على السير في الأرض: سير تفكر وتدبر لا سير لهو وغفلة كسير كثير من البشر في زماننا هذا.

وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً: وذلك أدعى للاعتبار، فإن هلاك الأقوى عبرة للأضعف لئلا يغتر بتمكين عارض مآله الزوال. ففي الإطناب هنا نوع احتراس لئلا يظن المخاطب أن أولئك لم يكن لهم من أسباب التمكين ما له، فهو الأشد قوة، وذلك أمان له مما حل بهم، فذاك محض وهم.

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ:

نفي لصفة العجر عن الباري، عز وجل، بالكون المنفي ولام الجحود في: "ليعجزه" وذلك أبلغ في باب التنزيه، فقوة المعنى فرع على قوة المبنى، ونفي الجحود من القوة بمكان.

و: "شيء": نكرة في سياق النفي المؤكد بـ: "من" التي تفيد التنصيص على العموم، فتفيد أقوى درجات العموم، فلا شيء، أي شيء في السماوات ولا في الأرض يعجز الباري، عز وجل، وخرج بالنص على الشيئية: المحال لذاته أو الممتنع، فليس شيئا أصلا لتتعلق به قدرة الله، عز وجل، فليس لقائل أن يقول: هل يعجز الله، عز وجل، عن إماتة نفسه؟!!، إذ اتصافه، عز وجل، بالموت نقص مطلق، والنقص المطلق في حقه، جل وعلا، محال ذاتي، لاتصافه بضده من الكمال المطلق.

وكرر النفي في: "ولا في الأرض": توكيدا.

والنفي في هذا الباب كما قرر أهل العلم: مراد لغيره، إذ ليس النفي المحض كمالا ليوصف به الله، عز وجل، بل الشأن أن يوصف بصفات الكمال الثبوتية، فالإثبات: أصل في هذا الباب الجليل، والنفي: فرع يقوم مقام الاحتراس عن وصف الذات القدسية بأي نقص، فلا يصير الفرع أصلا، فيطرد النفي في وصف الله، عز وجل، فيقال: ليس بكذا، وليس بكذا .......... إلخ من أوصاف النقص، فذلك مئنة من سوء الأدب وضحالة المعنى وفساد العبارة في مدح المخلوق فكيف بالخالق، عز وجل، المتصف بكل كمال المنزه عن كل نقص؟!!!، وإنما الشأن أن:

يجمل النفي كما في قوله تعالى: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).

و: أن يتضمن إثبات كمال الضد من أوصاف الكمال، فنفي العجز ليس كمالا حتى يشفع بإثبات كمال الضد من القدرة.

و: أن لا يلجأ إليه إلا في المضائق كرد شبهة، أو نفي ما قد يعتقد كونه كمالا في حق الخالق لمجرد كونه كمالا في حق المخلوق كالصاحبة والولد، فذلك مما يمدح به المخلوق، ولا يصح وصف الخالق، عز وجل، به، لما فيه من معاني النقص والحاجة.

ولذلك ذيلت الآية بأوصاف ثبوتية يقتضيها نفي العجز، إذ: العجز لا يكون إلا عن جهل أو عجز، ولذلك نص على ضدهما من: العلم والقدرة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 02 - 2009, 09:10 م]ـ

ومن آيات القدرة أيضا:

وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير