[ما الفرق؟]
ـ[أخفش عصره]ــــــــ[28 - 02 - 2009, 05:29 م]ـ
:::
ما اللمسة البلاغية في حذف نون تكن في قوله تعالى ((ولا تك في ضيق مما يكمرون)) في سورة النحل الأية 127
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[28 - 02 - 2009, 10:56 م]ـ
*ما اللمسة البيانية في حذف نون (تكن) في قوله تعالى (ولا تك في ضيق مما يمكرون)!!؟
(د. فاضل السامرائى):
الحكم النحوي: جواز الحذف إذا كان الفعل مجزوماً بالسكون ولم يليه ساكن أو ضمير متصل. متى ما كان الفعل (كان) مجزوماً ويليه حرف متحرك ليس ساكناً على أن لا يكون ضميراً متصلاً يجوز فيه الحذف (يمكن القول لم يكن ولم يك) فتحذف النون تخفيفاً.
إما إذا كان ما بعده ساكناً فلا يجوز الحذف (لم يكن الرجل) لا يمكن القول لم يك الرجل.
ولا يجوز الحذف أيضاً لو كان ضمير متصل (لم يكن هو) لا يجوز قول لم يك هو.
إذن من حيث الحكم النحوي يجوز حذف النون ..
أما السبب البياني: على العموم سواء في (يكن) أو في غيرها من الحذوف (تفرّق وتتفرق) (اسطاعوا واستطاعوا) (تنزّل وتتنزّل) في القرآن الكريم يوجد حذوف كثيرة يجمعها أمرين: هل هي في مقام إيجاز وتفصيل أو هل الفعل مكتمل أو غير مكتمل. عندما يأتي بالصيغة كاملة يكون الحذف أتمّ. إذا كان الشيء مكتملاً لا يُقتطع منه وإذا كان غير مكتمل يُقتطع منه.
والآن نستعرض مثالين وردا في القرآن الكريم الأول في سورة النحل (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {126} وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {127}) والثاني في سورة النمل (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ {69} وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {70})
آية سورة النحل نزلت على الرسول ? بعدما مثّل المشركون بحمزة عمّ الرسول في غزوة أُحُد فحزن الرسول ? عليه حزناً شديداً وقال لأمثّلن بسبعين رجلاً من المشركين فنزلت الآية تطلب من الرسول ? أن يعاقب بمثل ما عوقب به وأراد أن يُذهب الحزن من قلبه ولا يبقى فيه من الحزن شيء، وقوله تعالى (ولا تك في ضيق) بمعنى احذف الضيق من نفسك ولا تبقي شيئاً منه أبدا أي أن المطلوب ليس فقط عدم الحزن لكن مسح ونفي أي شيء من الحزن يمكن أن يكون في قلب الرسول ? فحذفت النون من الفعل. أما في آية سورة النمل فالآيات في دعوة الناس للسير في الأرض والتفكّر والمقام ليس مقام تصبير هنا فجاء الفعل مكتملاً (ولا تكن في ضيق).
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[28 - 02 - 2009, 11:00 م]ـ
*وفى إجابة أخرى للدكتور فاضل السامرائى:
في النهي عندما تقول لا تك أي تطلب منه النهي بقوة على أن لا يحصل من الفعل شيء مثال: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) النحل) هذه الآية معروفة أنها نزلت بعد معركة أُحد عندما مرّ ? بحمزة وقال والله لأمثلن بسبعين فأنزل الله تعالى الآية (ولا تك) أي إمسح هذا الأمر من نفسك تماماً ولا تفكر به ولا تبقي منه شيئاً وهذا تهوين له إحذف هذا الأمر من نفسك تماماً.
قال تعالى في آية أخرى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (70) النمل) تمشي في الأرض هذا ليس مثل حمزة عم الرسول ? فلا يكون النهي بتلك المنزلة.
هناك طلب أن لا يحصل لتهوين الأمر وتخفيفه عليه. حتى في النفي لما يوغل في حصول النفي بحيث لم يحصل منه شيئاً يقول (تك) قول مريم (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) مريم) أي لم يحصل شيء من هذا، الفعل لم يتم أصلاً، نفي تماماً لم يحصل منه شيء لا مقدمات ولا معقبات ولا بوادر ولا شيء، الأمر برمّته منفي. مع زكريا قال (وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) مريم) ليست بمثل تلك نحن لا نعلم عندما كان يدعو هل كانت تأتي كلها مائة بالمائة أم يأتي قسم منها هي ليست مثل تلك. (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) النحل) وقال (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى (37) القيامة) هذا في طور التكوين لم يكتمل الفعل، لما قال تعالى على الإنسان (ألم يكن نطفة) ما صار بعد وإنما يحتاج ليلتقي بالبويضة ليصير مضغة، لم يك أي هو قسم فقط لأن النطفة ماء الرجل فقط، لم يكتمل بعد ولا يكتمل إلا إذا التقى البويضة، إذا اكتمل الخلق اكتمل الفعل.
(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) لقمان) في الأولى قال (تك) بحذف النون وأثبتها في الثانية (فتكن). الأولى لم يذكر لها مكان بينما الثانية ذكر لها مكاناً واستقرّت فاستقرّت النون.
¥