تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من سورة المائدة]

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 08:27 ص]ـ

ومن سورة المائدة:

قوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

ففي "لقد": توكيد باللام وقد التحقيقية فإن الحكم بكفر قائل تلك المقالة أمر مقطوع به إذ قد عبد غير الله، عز وجل، وإن اعتقد أنه يعبد الإله الحق، لفساد تصوره، فإن ذلك لا يغني عنه من الله، عز وجل، شيئا، فكل يدعي أن إلهه هو: الإله المعبود بحق، وإذا اختلف العباد في آلهتهم وجب الاحتكام إلى خبر الوحي المعصوم لنرى أي إله من تلك الآلهة هو الإله الموصوف بصفات الكمال المطلق، فله كمال الذات والصفات والأفعال، فهو الرب الكامل الذي يستحق تمام الألوهية فرعا على كمال ربوبيته، فإذا صح التصور، صح التأله، ولذلك كان التعرف على صفات الرب، جل وعلا، مفتاح توحيده، فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فإذا صح التصور صح الحكم، ولن يجد المنصف مقالة تعظم شأن الرب، جل وعلا، فتصفه بكل كمال، وتنفي عنه كل نقص، كمقالة أهل الإسلام، بخلاف مقالة أهل التثليث، الذين نعتوه بنعوت النقص البشري، فجعلوه عاجزا عن مغفرة ذنب آدم، عليه السلام، حتى ألجئوه إلى الحلول في رحم أنثى، لينبت فيه نبات الجنين ثم يخرج منها خروج الوليد فيتغذى من لبنها، ويقتات من خشاش الأرض بعد فطامه، ثم يساق إلى خشبة الصلب فداء للنوع الإنساني!!!!، ولو قدر على مغفرة خطيئة آدم، عليه السلام، لما تجشم تلك الصعاب!!!. فضلا عن مقالة يهود: الذين وصفوا الله، عز وجل، بالبخل وغل اليد، ومقالة بقية أمم الأرض من عباد الأحجار والأشجار بل والأبقار!!!.

الذين قالوا: في الموصول نوع إجمال لتشويق المخاطب بينه ما بعده، فجملة الصلة علة الحكم المتقدم، فقد كفروا بادعائهم الألوهية للمسيح عليه السلام، وهو لا يستحقها، لوصفه البشري، وذلك أعظم الظلم إذ نفوا الحكم عمن يستحقه وأثبتوه لمن لا يستحقه، ولذلك كان الشرك: ظلما بل أعظم الظلم، إذ فيه تسوية المخلوق الفقير بالرب الغني، فيصير ندا لله، عز وجل، مع افتقاره إليه، فليس له من خصائص الربوبية ما للرب، جل وعلا، ليسوى به، ولو كان له ذلك لصحت تسويته به، فالتسوية في الحكم بين مختلفين في الوصف: تسوية بين مختلفين تأباها العقول الصريحة.

إن الله هو المسيح ابن مريم: أكدوا مقالتهم بعدة مؤكدات إمعانا في الحكم الظالم الجائر فصدروا مقالتهم بـ: "إن"، فضلا عن تعريف جزأي الجملة: لفظ الجلالة: "الله" و: "المسيح"، واسميتها التي تدل على ثبوت الحكم، وضمير الفصل المؤكد: "هو"، فأي ظلم أعظم من ذلك!!.

قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا: رد مباشر على مقالتهم، إذ قد قامت الحاجة إلى إبطالها، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فجاء الرد قويا بـ: استفهام إنكاري إبطالي لما بعده، فلا أحد يملك من الله شيئا، وهي: "نكرة في سياق الاستفهام" فتفيد العموم من جهة وقوعها في حيز الاستفهام ومن جهة كون الاستفهام بمعنى النفي، والنكرة في سياق النفي تفيد، أيضا، العموم، فلا أحد يملك من الله شيئا أي شي إن أراد أن يهلك المسيح عليه السلام وأمه ومن في الأرض جميعا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير