تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من كلام مانعي المجاز]

ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 02 - 2009, 03:51 م]ـ

من أشهر من تكلم في مسألة المجاز نفيا من المتأخرين: ابن تيمية، رحمه الله، ومن المعاصرين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، رحمه الله، وفي هذه النافذة نوع بيان لكلامهما في هذه المسألة من باب عرض آراء أهل العلم في مسألة ما، فالخلاف في هذه المسألة: خلاف شهير قد انتشر بين أهل اللغة والأصول، والمتكلمين في أصول الدين، لا سيما باب الصفات الإلهية، سواء أكانوا على طريقة السلف أم على طريقة المتكلمين، والخلاف تضيق دائرته في باب اللغويات وتتسع دائرته في الشرعيات لا سيما الخبريات الغيبية كالصفات الإلهية. فالمراد في هذا الموضع: بيان وجهة نظر في المسألة لا تقريرها.

فبداية: تعرض ابن تيمية، رحمه الله، لمسألة الحقيقة والمجاز بنوع تفصيل في كتابه "الإيمان" في معرض الرد على من قال بأن: الإيمان حقيقة في التصديق، مجاز في الأعمال، وعليه غلا القوم في مقالة الإرجاء حتى أخرجوا العمل بالكلية من مسمى الإيمان، فلم يعد تارك العمل عندهم مستحقا للوعيد، كما هو الحال عند:

أهل السنة: الذين يقولون بأن تارك العمل، معه مطلق الإيمان الذي لا يخرجه من حد الوعيد، وإن أخرجه من حد الخلود فيه، فتارك العمل عندهم مذموم، لأنه انتفى عنه بتركه العمل: كمال الإيمان الواجب للنجاة من الوعيد، فهو مؤمن ناقص الإيمان، أو: مسلم عاص لم ينتف عنه أصل التصديق بترك الواجب أو فعل المحرم، ما لم يستحل ذلك، فمعه أصل الإيمان، كما تقدم، على تفصيل في مسألة تارك العمل بالكلية ليس هذا موضعه، وإن كان ذلك، عند التحقيق، غير متحقق في أغلب صور المسألة، فلا يتصور وجود مسلم لم يطع الله، عز وجل، في حياته قط!!!، وعلى تفصيل في مسألة تارك الصلاة ولو كسلا، فالخلاف بين الحنابلة، رحمهم الله، من جهة، والجمهور من جهة أخرى في هذه المسألة، خلاف مشهور مبسوط في كتب الفقه.

ومرجئة الفقهاء: الذين قالوا بذم تارك العمل، تماما كأهل السنة، وإن أخرجوا العمل من مسمى الإيمان، فالخلاف عند ابن تيمية رحمه الله: خلاف لفظي، لأن كلا الفريقين اتفق على ذم تارك العمل، على التفصيل السابق، وفي المسألة أخذ ورد، وليس المقام مقام تحرير الخلاف بين الفريقين، ومعرفة هل هو لفظي أو حقيقي.

وقل مثل ذلك في قول المرجئة بأن تسمية المعصية كفرا في نصوص الوعيد: مجاز، والصحيح أنه كفر، منه: الكفر الأكبر سواء أكان اعتقادا أم قولا أم فعلا، ومنه الكفر الأصغر العملي كالنياحة على الميت في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ) ......... إلخ من المعاصي التي لا يخرج فاعلها من الملة ما لم يستحلها.

وفي باب الصفات الإلهية: صار المجاز ذريعة إلى نفي الصفات الإلهية فهي مجاز في حق الله، عز وجل، حقيقة في حق العبد، إذ اتصاف الله، عز وجل، بصفات يصح إطلاقها على البشر: تشبيه مذموم!!!، مع أن الاشتراك في هذا الباب إنما يكون في أصول المعاني التي لا تفهم الألفاظ إلا بإدراكها، وتلك أمور كلية مطلقة لا توجد خارج الذهن إلا جزئية مقيدة بموصوفها، فصفة فلان من البشر غير صفة فلان، مع اشتراكهما في أصل الصفة وكون كليهما مخلوقا تجري عليه الأقيسة العقلية، فإذا كان ذلك متصورا في حق مخلوق مقابل مخلوق فكيف بالخالق، عز وجل، الذي لا يجري عليه قياس إلا المثل الأعلى فله من كل كمال مطلق جاء به الوحي: المثل الأعلى، ولا يدرك كنه ذاته وصفاته وهم، كيف به، جل وعلا، في مقابل المخلوق، ألا يكون التباين حاصلا من باب أولى؟!!، وذلك أصل مطرد في هذا الباب الجليل، فإن الاشتراك كما تقدم لا يكون إلا في أصل المعنى، دون كماله، فكمال المعنى المطلق لله، عز وجل، ونقصانه للمخلوق، إذ كمال وصف الباري، عز وجل، فرع عن كمال ذاته، ونقصان وصف المخلوق فرع عن نقصان ذاته، ودون حقيقته: فحقيقة صفة الرب، جل وعلا، لا يعلمها إلا هو، بخلاف حقيقة صفة العبد التي تدركها حواس البشر، فمعنى السمع الكلي، على سبيل المثال، واحد، ولكن كمال سمع الرب، جل وعلا، مطلق، فـ: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير