[من سورة القدر]
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 07:37 ص]ـ
[من سورة القدر]
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
"أنزلناه": عاد الضمير في "أنزلناه" إلى القرآن، وهو غير مذكور، لنباهة ذكره.
"القدر": إما من: عظم القدر، وإما من التضييق، لأن الملائكة تنزل فيها حتى تضيق عليهم الأرض، وإما من التقدير وهو تقدير الحوادث الكونية، ففيها تقدر أمور العام الكونية.
"وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر": استفهام يفيد التعظيم.
"لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ": بيان لإجمال منزلة ليلة القدر، وفي الآية: إظهار في موضع الإضمار تشريفا لليلة القدر، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، فيصح في غير القرآن: هي خير من ألف شهر.
"ألف شهر": من العبادة لدلالة السياق، فهو يرجح عهد العبادة دون غيرها، فالمدة الزمنية مطلقة، ولكن السياق قيدها بالتعبد.
"تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ": التنزل: بالتشديد، دليل على الكثرة، فالزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى.
"الروح": خصوص بعد عموم، تنويها بمنزلة جبريل، أمين وحي السماء، عليه الصلاة والسلام.
"سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ": "سلام": تنكير يفيد التعظيم، وفي تقديم الخبر: "سلام" على المبتدأ "هي" إشعار بالاختصاص والتوكيد.
لا حرمنا الله وإياكم شرف إحياء تلك الليلة، فلعل الله، عز وجل، أن يطلع على من أحياها، فيغفر للجمع بإخلاص واحد منهم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 09:24 ص]ـ
نرجو أن نصادف هذه الليلة ونحن نجتهد في العبادة في العشر الأواخر، بارك الله لك أخي الكريم.
ـ[أنوار]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 11:58 ص]ـ
جوزيتم خيراً على هذه الوقفات ......
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 12:41 ص]ـ
الأستاذ الفاضل مهاجر:
بوركت وقفاتك في رحاب سورة عظيمة لليلة عظيمة ... جعلنا الله وإياك ومن يقرأ ممن يوفق إلى قيام هذه الليلة، ويغنم من بركاتها.
واسمح لي بهذه اللقطات السريعة إضافة إلى ما تفضلت:
"أنزلناه": عاد الضمير في "أنزلناه" إلى القرآن، وهو غير مذكور، لنباهة ذكره.
(إنا أنزلناه): في إسناد الإنزال إلى المولى - جلت قدرته - واصطفاء ضمير العظمة: تشريف للقرآن ما بعده تشريف، وصدرت الآية بحرف التوكيد (إن) مقدمًا على الفعل، فتقوى الكلام، وتقرر الإنزال لمشركي مكة الذين كثرت طعونهم حول القرآن بكونه منزلاً من الله تبارك وتعالى.
"لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ": بيان لإجمال منزلة ليلة القدر، وفي الآية: إظهار في موضع الإضمار تشريفا لليلة القدر، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، فيصح في غير القرآن: هي خير من ألف شهر.
فصلت هذه الآية عما قبلها؛ لشبه كمال الاتصال؛ فهي جواب عن سؤال (وما أدراك ما ليلة القدر) وأفاد الفصل: تشريفًا لهذه الليلة ... تشريفًا يبقى للأجيال، ودول الأيام.
وقوله: (ليلة القدر) إظهار ثان - بعد الأول في قوله: (وما أدراك ما ليلة القدر) - في مقام الإضمار، فأضاف تشريفًا إلى تشريف.
"تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ": التنزل: بالتشديد، دليل على الكثرة، فالزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى.
والآية مفصولة عما قبلها، والذي يظهر لي أن الفصل هنا؛ لكمال الاتصال، فتكون هذه الآية بدل اشتمال مما قبلها، وحَسُن موقع الفصل هنا؛ لبيانه أهلية كل بركة من بركات هذه الليلة بتعبير مستقل مفصول عما قبله.
"سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ": "سلام": تنكير يفيد التعظيم، وفي تقديم الخبر: "سلام" على المبتدأ "هي" إشعار بالاختصاص والتوكيد.
وهنا فصل ثالث؛ للغاية السابقة.
وما أعجب ذكر المسند إليه (هي)؛ حيث أدى غاية تفخيم شأن الليلة، وتضافر مع ما قبله في إبراز تلك الفضيلة السامية لليلة القدر.
وما أروع لفظة (سلام)!
إنها لفظة تفيض بالأمن، والهدوء الرائق الودود، ونور الملائكة والروح يغشى الزمان والمكان!
وبعد كل هذا ... هل نفرّط؟!
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 07:43 ص]ـ
جزاك الله خيرا أستاذة ندى على هذه الإضافات القيمة.
إضافات أقيم من المشاركة الأصلية!!!.
والمعاني التي ذكرت في تفسير "القدر" تجعله من قبيل المشترك اللفظي، لأنه دل على معان متباينة، ومع ذلك، وخلافا لما عهد من المشترك اللفظي من عدم جواز إرادة معانيه على جهة الشمول دفعة واحدة وإنما تصح دلالته على المعنى على جهة البدل كالمطلق عند الأصوليين، ومع ذلك صحت دلالته على كل تلك المعاني دفعة واحدة إذ لا تعارض بينها، فيكون الاختلاف في تفسير "القدر" بها من قبيل: اختلاف التنوع لا التضاد.
وقد أشار بعض المفسرين إلى أن تفسير قوله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ): عبادة ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر، ومن ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فيكون في الآية: "إيجاز بالحذف"، أو: "مجازُ حذفٍ" عند من يقول بذلك، ويَرِدُ على ذلك، أنه ربما قيل بأن السياق قد دل على ذلك ابتداء دون حاجة إلى هذا التقدير، فالمعنى بينٌ ابتداءً، والأصل عدم التقدير، فلا يصار إليه مع استقامة السياق بدونه.
والله أعلى وأعلم.
¥