[سر حذف ياء الأفعال الأصلية في الرسم القرآني]
ـ[العرابلي]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 06:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سر حذف الياء في الرسم القرآني (الياء الأصلية)
حذف الياء يفيد الدوام والاستمرار بصفة عامة
الياء تفيد "التحول" كما يظهر استعمالها في لوحة معاني الحروف الهجائية،
وحذفها يفيد إلغاء التحول؛ وإلغاء التحول يفيد دوام الشيء واستمراره.
وقد تبين من جميع المواضع التي حذفت فيها الياء؛
أن حذفها بني على موافقة رسم الكلمة لواقع الاستمرار والدوام الذي دل عليه الحذف.
الياء التي حذفت في الرسم القرآني ستة أنواع؛
النوع الأول: الياء الأصلية.
وهي التي تقع لامًا للكلمة، وتجيء ثالثة، وتكون أصلية؛ مثل: الداعي، الجواري، يؤتي، يغني،
وحكمها أنها تحذف في سبعة أفعال، وثلاثة عشر اسمًا.
الأفعال السبعة التي حذفت فيها الياء
الفعل الأول: يُؤْتِ
في قوله تعالى: (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) النساء.
حذفت ياء يؤتي في هذا الموضع الوحيد؛ لأن عطاء الله تعالى للمؤمنين في الآخرة عطاء دائم، لا ينتهي ولا ينفد.
أما إثباتها في قوله تعالى: (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) الليل.
فلأجل أن المزكي يتزكي إذا ملك المال، ويخرج الزكاة إذا ملك نصاب الزكاة، وتحقق فيه الشروط الشرعية، وإذا لم يكن له مال فلا زكاة عليه، فإخراج الزكاة لا يتصف بالدوام.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) البقرة.
فلأجل أن إتيان المُلْك من عطاء الله في الدنيا، وقابل لأن ينزع منه، أو الموت عنه.
أما إثباتها في قوله تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) البقرة؛
فلأجل أن إتيان الحكمة من الأمور التي يصلح الله بها عباده في الدنيا، ولا حاجة لهم بها في الآخرة.
وغير ذلك فهي محذوفة بسبب الجزم؛ مثل: (وَءَاتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) المائدة.
الفعل الثاني: يَأْتِ
في قوله تعالى: (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) هود.
حذفت ياء يأتي في هذا الموضع الوحيد؛ لأن اليوم الآخر إذا جاء لا يرد ولا ينتهي؛ فمن شقي شقي شقاءً دائماً، ومن سعد سعد سعادة دائمة (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) هود.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) البقرة.
فلأن الإتيان بالشمس من المشرق يتكرر وينتهي بالمغيب كل يوم، ثم يؤتى بها من المغرب كعلامة كبرى لمجيء الساعة، ونهاية الحياة الدنيا، فلا استمرار لإتيانها من المشرق، ويوم القيامة تكور وينتهي إشراقها.
أما إثباتها في قوله تعالى: (قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ ءامَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَواةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) إبراهيم.
فلأجل أن العمل ينقطع في الآخرة؛ (لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ)، فجاء التحذير لإقامة الصلاة، والإنفاق في سبيل الله قبل مجيء ذلك اليوم. فلا استمرار للإنسان فيه لكسب ما يدفع الضرر عن نفسه.
الفعل الثالث: يسر
في قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) الفجر.
يقسم الله تعالى بالليل إذا ذهب وسار، وأي الليل الذي أقسم الله تعالى به؟
أهو ليل الأيام؟ أم ليل آخر أيام الدنيا؟
فالليل في أيام الدنيا يذهب ويعود، وأما يوم القيامة فيذهب بلا عودة؛ فلا ليل يأتي على أصحاب الجنة، ولا نوم فيها عن نعيمها، ولا ليل يأتي على أصحاب النار، ولا راحة لهم من عذابها.
والليل الذي المقسم به هو الذاهب من غير عودة، وذلك يوم القيامة، وهذا حدث عظيم، والقسم به هو قسم بنفس يوم القيامة؛ لأنه حدث من أحداث الله العظام، أما ليل الأيام فيتكرر بالذهاب والعودة.
الفعل الرابع: ننج
¥