[الدلالة الصوتية في القرآن الكريم.]
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 03:22 م]ـ
[الدلالة الصوتية في القرآن الكريم.]
هذه رسالة ماجستير تقدم بها الطالب كريم مزعل محمد اللامي إلى
كلية التربية في الجامعة المستنصرية.
اعتمد الباحث في دراسته على استكناه المنطق الداخلي للظاهرة الصوتية في معالجة موضوع الإعجاز الصوتي القرآني متنقلا بين سوره المباركة لتذوق عبارات آياته الجزلة الفخمة وفهم كلمات الله الخالدة.
تقع الرسالة في ثلاث فصول فضلا عن تمهيد وخاتمة وثبت للمراجع.
تناول التمهيد بشئ من التفصيل ماهية علم الدلالة ومفهومه، فضلا عن أثر الدلالة في أقامة الفهم حول العلاقة أو الصلة بين اللفظ ومدلوله، بدءا من مفكري اليونان القدماء، مرورا بعلماء العربية من الأولين وانتهاءا بالمحدثين، مبينا أهم الآراء ومستشهدا ببعض النصوص التي تقرر تلك العلاقة أو هذه، ولتكشف الدراسة أهمية الصوت في البنية التركيبية للكلمة.
اختص الفصل الأول بتسليط الضوء على الأصوات المفردة في القرآن الكريم، حيث تناول المؤلف مفهوم الصوت ودوره في اللغة مركزا على بعض الظواهر الصوتية كأصوات (الشين، الكاف، الميم، والنون) وغيرها من الأصوات. وكذلك فقد درس هذا الفصل الحركات وأصوات اللين، وأثرها في أقامة المعنى، بالإضافة إلى الغوص في دراسة بعض الهياكل التركيبية للجملة العربية، ومنها (التضعيف والتشديد، وصيغة افتعل).وركز هذا الفصل على الدور الذي لعبته هذه الوحدات الصوتية ــ بما توحي من دلالات عامة ــ في إبراز جمالية التشكيل اللغوي للقرآن الكريم بإعجازه الصوتي.
وتناول الفصل الثاني من هذه الدراسة ظواهر صوتية أخرى، مكرسا حيزا ملحوظا لدراسة مسألة (سهولة الألفاظ والتلاؤم الصوتي) الذًين حققا للقرآن صفاءا صوتيا. فمما لا ريب فيه أن لغة القرآن الكريم تمتاز بالتلاؤم الصوتي الذي يعين على تدفق التلاوة وجمال الانسجام بين الأصوات، سواء كان ذلك على مستوى اللفظة المفردة، أو على مستوى النظم اللغوي، حيث للصوت أثر واضح في إيجاد التناسق بالنسبة للأعجاز الصوتي في القرآن الكريم مقارنة بكلام العرب. فضلا عن ذلك، فقد سلط هذا الفصل الضوء على صيغة الفعل الرباعي المكرر موضحا أن الزيادة الحاصلة في مبناه تدل على زيادة في معناه، وكذلك الفواصل القرآنية ودورها في الأعجاز الصوتي وأثرها في البنية الإيقاعية للتعبير القرآني، ودورها في أتمام المعنى وقيمتها في الانسجام مع ما قبلها من كلام.
أما الفصل الثالث و الأخير فقد تناول فيه الباحث الإيقاع مبينا قيمته في الإيحاء بالمعنى وما يبدو من علاقة بين تغير الإيقاع وتغير المعنى، وأساليب الخطاب لكل من السور المكية والسور المدنية، مع بيان أهمية ذلك الاختلاف ليراعي فيه مقتضى أحوال المخاطبين، وأهمية الموسيقى الداخلية لآيات القرآن الكريم وأثر تلك الموسيقى في الإفصاح عن المعنى، فمنها الصاخب العنيف، ومنها الرخي الموجة، مع تبيان ما للتنغيم من أهمية في اللغة المنطوقة، وأثره في تنوع المعنى مع عدم اختلاف مكونات الكلام.
وختم الباحث دراسته بنتائج أفادت في تحديد مفهوم الدلالة والصوت، وكيف أن القرآن الكريم يحتوي بين جنباته بيانا قاصدا مقررا يتجلى فيه المعنى في صورة كاملة. فالقرآن كتاب هداية، والهداية لا تتحقق إلا بفهم المعنى لأن القيمة الصوتية لألفاظ النص القرآني مطابقة للقول أو فعل القول، وأعظمها هذا الدفق الروحي في الصورة والأخيلة والقصص القرآني.
تشكل هذه الدراسة، بما تحتويه من إضاءات، إضمامة جديدة وإضافة من شأنها أثراء المكتبة العربية ومحاولة لسد ثغرة في مجال الدراسات الصوتية القرآنية بما تحويه من أفكار وتحليلات أكاديمية رصينة، أجاد فيها المؤلف كثيرا، وهي ثمرة يانعة من ثمرات فيوض القرآن الكريم بما يحويه من مجالات رحبة للدراسة والبحث وعوالم تنتظر من يميط اللثام عن مكنوناتها.
نقلا عن مجلة علوم انسانية - السنة السادسة: العدد 38: صيف 2008