تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من صدر سورة آل عمران]

ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 07:44 ص]ـ

ومن صدر سورة آل عمران:

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ: الله: لفظ الجلالة: مبتدأ يتضمن إثبات الألوهية لله، عز وجل، على القول باشتقاقه من التأله وهو: التنسك والتعبد كما قال ابن سيده الأندلسي رحمه الله.

وفي لسان العرب:

قال أَبو الهيثم فالله أَصله إلاهٌ قال الله عز وجل: (ما اتَّخذ اللهُ من وَلَدٍ وما كان معه من إلَهٍ إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بما خَلَقَ) قال ولا يكون إلَهاً حتى يكون مَعْبُوداً وحتى يكونَ لعابده خالقاً ورازقاً ومُدبِّراً وعليه مقتدراً فمن لم يكن كذلك فليس بإله وإِن عُبِدَ ظُلْماً بل هو مخلوق ومُتَعَبَّد.

فالألوهية كما تقرر: لازم الربوبية، فلا يكون إلها حتى يكون ربا، وإن ادعيت الألوهية لآلهة الباطل، فإن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا، فالعبرة بالمعاني لا بالمباني، وكل دعوة تفتقر إلى دليل، وقد أقام الله، عز وجل، الآيات البينات على كمال ربوبيته، فلزم العباد كمال التأله له، وما سواه من المعبودات لا برهان على صدق ألوهيتها، وإنما محض دعوى، وهي التي كانت عدما فافتقرت إلى موجد، وهي التي تصير إلى زوال فوجودها ممكن غير واجب، وهي التي لا تقدر على شيء من وظائف الربوبية، فكيف ساغ خلع أوصاف الألوهية عليها، أليس ذلك أعظم الظلم وأشنعه، أن يعبد من لا يستحق، وأن يكفر بالإله المستحق كمالَ التأله له؟!!!.

وفي التنزيل: (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

فالأمر في: "أروني": أمر تبكيت، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، وفي الكلام حذف دل عليه السياق، فتقدير الكلام: أروني الذين ألحقتم به شركاء: ماذا خلقوا أو رزقوا أو .................. إلخ من أوصاف الربوبية ليستحقوا الإلحاق بالله، عز وجل، في ألوهيته؟!!!، ولفظ الإلحاق مشعر بالتكلف، فهي لم تلحق بنفسها، إذ ليست بأهل لذلك، وإنما ألحقت إلحاقا، وفي هذا من التعسف والتحكم ما لا يخفى، فلا دعوى صادقة، ولا برهان صحيح من باب أولى، إذ الأصل فاسد، فكيف يصح الفرع، والعود معوج، فكيف يستقيم الظل؟!!.

وفيه أيضا: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا)

فالأمر في: "أروني": أمر تبكيت، أيضا، استوفى القسمة العقلية الممكنة، فإما أنهم خلقوا، وإما أن لهم شركا، فهذا استدلال عقلي، إذ الشريك يستحق كشريكه، ولكنهم لا شركة لهم في ذلك، فنبهت الآية على بطلان ألوهيتهم فرعا على بطلان شركتهم التي تستلزم نوع مشاركة في الربوبية، فلما انتفى الملزوم انتفى لازمه.

وفي قوله: "أرأيتم": إجمال بينه البدل: أروني ماذا خلقوا من الأرض، فالمبدل منه مجمل على نية الطرح، والبدل: مبين على نية تكرار العامل، فتقدير الكلام: قل: أروني ماذا خلق أولئك، وفي البيان بعد الإجمال: إرواء بعد غليل، فتتشوف النفس إلى البدل: محط الفائدة بعد ورود المبدل منه: المجمل الذي استرعى انتباه المخاطب.

وأما قوله: (أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ): فهو الحجة النقلية، فلا حجة من عقل أو نقل تشهد لزعمهم الباطل بل محض دعوى لا دليل عليها.

و "بل": إضراب يبطل ما سبق من دعواهم.

إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا: قصر بأقوى أساليبه، فلا يعدون بعضهم إلا غرورا، ونكر المقصور عليه: "غرورا" للتعظيم، فاغترارهم عظيم!!!.

وقل مثل ذلك في قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير