تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إنك أنت العزيز الحكيم]

ـ[هاني السمعو]ــــــــ[15 - 01 - 2009, 10:41 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

((إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم))

عندما يقرأ أحد منا هذه الآية الكريمة ويصل لقوله تعالى ((وإن تغفر لهم)) فيظن الواحد منا أن سيدنا عيسى عليه السلام سيقول إنك الغفور الرحيم فلماذا قال ((إنك أنت العزيز الحكيم))؟؟؟؟؟

ـ[أحلام]ــــــــ[15 - 01 - 2009, 08:07 م]ـ

*الاخ الفاضل هاني السمعو جزاك الله خيراً

أورد لكم ماأجاد به الدكتور فاضل صالح السامرائي:

(وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم): ما اللمسة البيانية في هذه التركيبة اللغوية؟ لمَ لم يقل فأنت العزيز الحكيم؟

الضمير أنت هنا يسميه علماؤنا ضمير الفصل فيه معنى التأكيد لكن هو حقيقة المجيء به قالوا للفصل بين الخبر والصفة لأن أحياناً أنت تقول زيدٌ الكريم قادمٌ، كأن هناك زيد كريم وزيد بخيل فلو قلت زيد الكريم ووقفت لا يعلم السامع أنت تصف أم تُخبِر؟ سيكمل الكلام بعد ذلك؟ سيتم بمجيء خبر؟ فحتى يفرقوا: إذا قلت زيد هو الكريم إنتهى الكلام ولا ينتظر منك السامع أن تُكمل. (هو) فصلت بين الخبر والصفة. أن هذا خبر وليس نعتاً (لما تفصل لا ينتظر منك السامع إستكمال الكلام). زيد هو الكريم (الكريم خبر): (هو) ضمير فصل لا محل له من الإعراب أي لا يكون في موضع رفع ولا نصب ولا جرّ. (أنت) ضمير فصل للتأكيد. (فإنك أنت العزيز الحكيم) أنت: ضمير فصل فيه معنى التأكيد أي أنت وليس سواك، أنت دون غيرك.

أنت: هنا ضمير فصل فيه معنى التأكيد (فإنك أنت العزيز الحكيم) كأن فيه معنى الحصر، العزة والحكمة منحصرة في أنك سبحانك عما يصف الظالمون. (فإنك أنت العزيز الحكيم) ضمير فصل ويقال ليس له محل من الإعراب. ولا يعني لا محل له من الإعراب أي لا فائدة منه كما هو شائع بين الناس ولكن بمعنى أنه لا نقول في محل رفع أو في محل نصب أو في محل جرّ. عندما تقول (فإنك أنت) الكاف لها محل من الإعراب في محل نصب لكن كلمة (أنت) لا نقول في محل رفع أو نصب أو جر مثل الجملة الإبتدائية. لما تقول زيدٌ مجتهد: مبتدأ وخبر والجملة لا محل لها من الإعراب. يعني ما تستطيع أن تقول والجملة في محل رفع أو في محل نصب أو في محل جر. (لا محل له من الإعراب) الكثير يفهمه أنه ليس له معنى وشائع هذا الإستخدام في العاميّة: نقول: كلامك لا محل له من الإعراب بمعنى أنه لا فائدة منه. ولكن معناه أنه لا تستطيع أن تقول وهو في محل رفع أو في محل نصب أو في محل جر ولكن له فائدة في الجملة وكما رأينا هنا فيه فائدة التوكيد بل أكثر من ذلك حتى يشعر بمعنى الحصر.

*لماذا لم يقل في الآية مثلاً: فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الله أو الإله أو الرب؟

لا يستقيم عند ذلك لأن الإله بمعنى المعبود. ما علاقة كلمة المعبود بمغفرة جُرم عظيم؟ (فإنك أنت الله) ما علاقة هذا بمادة الحديث؟ فإنك أنت الله: هو لا يريد هذا فقط وإنما هو يريد أن يبين أن جُرمهم عظيم لا يقضي فيه إلا عزيز حكيم فلا يستقيم سوى كلمة العزيز الحكيم مع هذا الجُرم الذي تحدث فيه عن مغفرة. الذي يقضي بالمغفرة. لم يشأ أن يقول الغفور الرحيم لأنه عند ذلك سيقربهم إلى الغفران وهو لا يريد أن يتدخل في هذا الموضوع بهذا القدر. وإنما مجرد الإشارة أنه هناك مجال للمغفرة والذي يغفر عزيز حكيم عزّ فحكم. هذا الذي يقضي في مثل هذا الجرم العظيم لأن جرمهم ليس سهلاً. ولو قال مثلاً: إن تعذبهم فهم يستحقون هذا العذاب، يفوت معنى العبودية. (فإنهم عبادك) يريد أن يذكر ذلك أنهم عباد لك صحيح أن السيد يتصرف بشأن العبيد ومع ذلك فيه إشارة وإلماح إلى هذا الإرتباط أنهم عبادك.

* (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ (116) المائدة) الله تعالى يعرف إن كان عيسى قد قال هذا الكلام أم لا فما دلالة السؤال؟

رب العالمين يعلم كل شيء لكن التقرير لما يتعلق به المحاسبة والجزاء. حتى لو كان يعلم لماذا يحاسب ربنا العباد؟ يحاسبهم ليتعلق بهم الجزاء الأمور لا توكل إلى علمه حتى يقيم الحجة، كيف يقيم الحجة غير بالمحاسبة. السؤال هنا استفهام أأنت فعلت كذا؟ حتى يقيم الحجة عليه أو له وهذا إستفهام غرضه تقرير يقرره بذلك. هو لم ينكر عليه ما ليس فاعله لأنه يعلم. هذا السؤال يتكرر كثيراً في القرآن الكريم غرضه البلاغي التقرير وقد يكون للتعجب أو الإنكار أو التقرير. (ألم نشرح لك صدرك) هذا استفهام غرضه التقرير، (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) المرسلات) والمسؤول يعلم، الإستفهام في اللغة نفهمه في سياق الدلالات الخاصة به ما غرضه؟ وقد يكون للتعجب (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ (72) هود) هذا استفهام غرضه التعجب.

اللمسة البيانية في السؤال هو أن هنالك من قال هذا الكلام يبقى من قال؟ أأنت قلت أم غيرك؟ قيل هذا الكلام يبقى من قاله أأنت قلته أم غيرك؟ ليس السؤال شك في المسألة قيل أم لم يُقل، لكن المسألة عن القائل. لم يكن عيسى عليع السلام هو القائل حتى يقيم الحجة له.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير