تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من نصوص الإيمان]

ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 02 - 2009, 09:16 ص]ـ

من قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)

حصر إضافي فتقدير الكلام: إنما المؤمنون الذين حققوا الإيمان الواجب، فإن من المؤمنين من يغفل قلبه فلا يعتريه الوجل إذا ذكر الله، عز وجل، وتلك مئنة من نقص الإيمان الواجب، ولكنه لا يعني خروجه من دائرة الإيمان بالكلية، إلا إن كان ذلك استخفافا بذكر الله، عز وجل، ووعيده، كحال كثير من المنافقين المظهرين للإيمان المبطنين للكفران، فإنه لا يتصور بقاء ذرة من الإيمان: أصلا أو فرعا، مع غياب عمل القلب بالكلية، فلا يخاف الله، عز وجل، مطلقا، أو لا يرجوه مطلقا، أو لا يتوكل عليه مطلقا، نعم قد يغان على قلب المؤمن فينقص الإيمان في قلبه تبعا لنقصان أعماله، بل قد يقع التفاوت في أصل الإيمان، وهو التصديق، فالتصديق يتضمن العمل، وإلا كانت دعوى بلا بينة، بل البينة شاهدة بضدها في حق تارك العمل، إذ لو كان تصديقه كاملا لانبعثت همته طلبا لكمال العمل، إذ لا يتصور الانفكاك بين التصديق القلبي والتصديق القولي والتصديق العملي مع تمام القدرة وجزم الإرادة، إذ كلها من الإيمان، فالتفريق بينها: تفريق بين متماثلات تأباها العقول الصريحات، بل إن التصديق القلبي دون نظر إلى بقية أفراد التصديق من القول والعمل، يتفاوت تبعا لتفاوت النظر في الأدلة الشرعية والأدلة الآفاقية، فليس تصديق الصديق، رضي الله عنه، كتصديق آحاد المؤمنين، وإن جمع الكل: معنى التصديق المطلق، فلكل منه نصيب، ولكن التفاوت يقع فيما زاد عليه.

وعليه يمكن القول بأن القصر في الآية:

قد يكون حقيقيا فيتوجه إلى أصل الإيمان، فيكون القلب الخالي من خوف الله، عز وجل، المستخف بوعيده، قلبا تربع على عرشه الكفران.

وقد يكون إضافيا فيتوجه إلى كمال الإيمان الواجب، فيكون القلب غافلا عن معاني الإيمان لا سيما إن كان صاحبه من أهل العصيان، بل قد يغفل بالتلهي بالمباح، فكيف بمن يقترف الذنوب؟!!.

وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا: شرط ثان في معرض بيان وصف المؤمنين، فالإطناب في معرض بيان وصف الناجين مراد لذاته، ففيه نوع إلهاب للمخاطب ليمتثل أوصافهم فيكون من حزبهم، فهو، كما اطرد في باب الشرط الخبري: خبر في مبناه إنشاء في معناه.

وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ: تقديم ما حقه التأخير حصرا وتوكيدا، فعلى ربهم وحده يتوكلون، والتوكل من أعمال القلوب المتعلقة بفعل الرب، جل وعلا، إذ القلب يتوكل على الله، عز وجل، بعد استيفاء الأسباب، فلا يبقى إلا الإذن الكوني بوقوع المطلوب، فإن أذن الباري، عز وجل، كان وإن سخط كل البشر، وإن لم يأذن لم يكن وإن رضي كل البشر، فمرد الأمر إلى كلمات الرب التكوينية، ولذلك كان ورود لفظ الرب في مقام التوكل أليق، إذ التوكل ألصق بأفعال الربوبية القاهرة على التفصيل المتقدم.

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ: إطناب في بيان وصف من تقدم، إمعانا في البيان، وتهييجا للهمم على الامتثال، كما تقدم، فإما أن تكون أخبارا بعد أخبار، وإما أن يكون السياق مقطوعا إلى الرفع أو النصب تخصيصا وتنويها بالذكر، على تقدير: هم الذين ............. ، وكأن المخاطب قد ثار في نفسه سؤال: من أولئك الذين استحقوا أشرف الأسماء وأكمل الأوصاف: اسم الإيمان ووصفه، فجاء الجواب: هم الذين ......... ، أو على تقدير: وأخص بالذكر تشريفا وتنويها: ............... الذين، فعلق حكم المدح على الوصف الذي اشتقت منه صلة الموصول: "الذين" وهي: إقامة الصلاة، وجيء بالمضارع إشارة إلى التجدد والحدوث، فإيمانهم، وإن كان ثابت الأصل راسخا في القلب، إلا أنه كبقية المعاني التي تقوم بالنفوس يتفاوت زيادة ونقصانا، فليس حال من يقيم الصلاة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير