- وقال تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) يونس.
بعد إقرارهم بكل الذي ينجيهم إذا عملوا به، فسقوا وخرجوا من دائرة الإيمان، ودخلوا مع زمرة الذين حقت عليهم كلمة الله بأن يملأ بهم جهنم من الجنة والناس أجمعين، وكان بإمكانهم أن يظلوا خارجًا عنها.
- وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97) يونس.
كل الآيات لن تحول بينهم وبين اتباع من حقت عليهم كلمة الله بملء جهنم بهم، والدخول معهم، حتى يروا العذاب الأليم فيموتوا على كفرهم، وكذلك صلحت "كلمت" أن تقرأ بالإفراد والجمع لأن المذكور أكثر من آية، والتكذيب بواحدة منها أو بكلها يجعل أصحابها من أصحاب النار.
- (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) غافر.
ختمت حياة الأحزاب بالعقاب والهلاك، فكانوا أصحاب الجحيم، وبذلك حقت كلمة الله عليهم بأنهم ممن يملأ الله بهم النار،
والله تعالى جعل للإنسان الخيرة في الحياة الدنيا بين الإيمان والكفر، فمن شاء منهم خرج من زمرة الذين حقت عليهم كلمة الله بالعذاب، ومن شاء دخل في زمرتهم، والطريق مفتوح لكلا الطرفين بالدخول أو الخروج، لذلك بسطت تاء كلمة في المواضع الثلاثة الأخيرة لدخول الداخلين، وكذلك صلحت قراءة "كلمت" بالإفراد والجمع؛ لأن أفعالهم: التكذيب، والهم بالقتل للرسل، والجدال بالباطل؛ كلها مجتمعة أو منفردة تدخل أصحابها في النار.
وقبضت تاء كلمة في واحد وعشرين موضعًا لأسباب عدة، ولزم المرور عليها لخفاء أسباب قبضها؛
فمن المواضع التي قبضت فيها تاء كلمة؛ المواضع التي تدل فيها على أن الله تعالى حبس عنهم العذاب في الدنيا، وأخره ليوم القيامة، ولا مفر لهم منه يوم يأتيهم؛
- قال تعالى: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس.
- وقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) هود، (45) فصلت.
- وقال تعالى: (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى.
- وقال تعالى: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) طه.
- وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى.
وقبضت تاء كلمة في المواضع التي تدل على أن هناك من يصر على كفره، واختلافه على أهل الإيمان، فحصر نفسه بفعله في زمرة الذين سيملأ الله بهم جهنم، لا يريد أن يخرج نفسه منهم؛
¥