وأصل الألف واو في هذه الأصول؛
الحياة من مادة "حيي" أو "حيو" لأن كثيرًا من الجذور تكون يائية واوية في آن واحد؛
كما قال تعالى: (وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) العنكبوت
وقال تعالى: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَواةَ الدُّنْيَا (29) النجم
الحياة لا تكون إلا في نفس صاحبها؛ والواو دائمًا إشارتها للباطن والداخل، والنفس مكانها في باطن الجسد، ولا تكون حياة بلا نفس في ذات صاحبها.
الصلاة من مادة "صلو"
الصلاة فعل بالجوارح وتوجه بالقلب؛ والصلاة المقبولة عند الله تعالى هي التي يكون فيها توجه النفس إلى الله تعالى مع أداء أفعال، وأما أفعال الجسد لوحدها وانشغال القلب بغيرها؛ فلا قبول لها عند الله تعالى، وترد على صاحبها.
قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَواةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) البقرة.
وقال تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَواةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) البقرة
وعند الإضافة إلى الضمائر المتصلة؛ فتكتب الألف كذلك واواً إذا أريد بها توجه النفس إلى الله؛
قال تعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَواتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) التوبة، والمقصود بها توجه النفس والقلب لله ودعائه فيها، وهذا الذي يكون منه سكن لهم، وليس فعل الجوارح فقط؛ فكتبت بالواو.
وقال تعالى: (قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَواتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) هود؛ والمقصود فيها كالآية السابقة وليست الجوارح.
وقد قرأ حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف آيتي التوبة وهود: صَلَاتِك، أَصَلَاتِك؛ بالإفراد.
وقرأ الباقون: صَلَوَاتِك، أَصَلَوَاتِك؛ بالجمع.
وذلك أن توجه القلب إلى الله تعالى في الصلاة يأتي من كثرة الصلاة الدال على تعلق صاحبها بالله، أما غير الملتزم بها، والمضيع لها، والمتهاون في كثير منها فإن توجهه إلى الله تعالى يكون ضعيفًا، وكيف يكون منه سكن لهم، وأمر منه بالمعروف ونهي عن المنكر؛ وهو غير منضبط عليها؟!
أما إذا أريد بها فعل الجوارح الظاهرة للناس؛ فكتب بالألف فقط كما تلفظ؛
قال تعالى: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) الإسراء. والجهر والإخفات مما يطلع عليه الناس ويحكمون عليه. .. ومثلها؛
قوله تعالى: (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) النور
والعلم بالشيء وتعلمه مما يكون ظاهرًا بينًا غير مستور.
أما عند إضافة الصلاة إلى ضمير الجمع، فتكتب الألف كما هي؛ لأن فعل الجمع للصلاة يكون ظاهرًا معلومًا عند الناس، ويمكن أن يتماثل الناس في أدائه وخاصة إذا كان أدوها جماعة، وذلك هو المقصود، والمطلوب أداؤه؛ والمحافظة والديمومة عليها؛ كما في قوله تعالى:
(وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) الأنعام.
وقال تعالى: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35) الأنفال.
وقال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون
وقال تعالى: (إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) المعارج.
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) المعارج.
وقال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الماعون.
وما قصد فيه التوجه القلبي إلى الله تعالى فتكتب بالواو؛
قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) المؤمنون،
فقد قرأها حمزة، والكسائي، وخلف آية المؤمنون: صَلَاتِهم؛ بالإفراد.
وقرأ الباقون: صَلَوَاتِهم؛ بالجمع ومنهم حفص.
¥