تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لذلك كان حذف الياء رسماً لا لفظًا؛ فبقاء لفظها دل على الجمع، وحذف رسمها دل على تساوي أفراد هذا الجمع، وأغنت صورة الياء المرسومة عن صورة الياء المحذوفة لئلا تكون هناك صورتان لتحولين لا يصبح قيامهما معًا.

أما إثبات الياء في عليين؛

في قوله تعالى: (كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) المطففين.

فمعنى الأبرار في عليين؛ أي أنه مكتوب لهم في عليين، أو مصيرهم في عليين، أي في درجات الجنة ومنازلها العالية، ودرجات الجنة متفاوتة في نعيمها، وأصحاب الجنة كلٌ في درجته حسب عمله في الدنيا، والأبرار يتحولون بارتقاء إلى المنازل الأعلى فيها.

ولما كانت منازل الجنة ودرجاتها كلها ثابتة، وعالية في مكانها وعن النار وموقف الحساب؛ أثبتت الياءان في عليين، فمنازل الأبرار لم تطمس المنازل التي مروا عليها وتحولوا عنها إلى أن وصلوا أعالي الجنة، فلكل منزلة أصحابها، نسأل الله تعالى الفردوس الأعلى فيها.

وقد جاء كذر تكرار الياء في الأفعال التالية؛

في قوله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ (122) الأنعام.

وفي قوله تعالى: (وَءَايَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) يس.

وفي قوله تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) فاطر.

وفي قوله تعالى: (رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) ق.

وفي قوله تعالى: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) ق.

الأفعال في الأمثلة السابقة هي ماضية؛ (فأحييناه، أحييناها، فأحيينا، وأحيينا، أفعيينا)، والماضي منقطع الاستمرار، فناسب معها إثبات الياء فيها الدالة على التحول، والياء ياء لين وليست ياء مدية، كما كانت في الأسماء السابقة، وهي ساكنة بعد ياء متحركة فلا يجوز إدغامها فيها.

وأثبتت الياء كذلك في قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَواةً طَيِّبَةً (97) النحل.

وفي قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ (66) الحج.

وردت (5) مرات

وفي قوله تعالى: (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) الشعراء.

وفي قوله تعالى: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) يس

وفي قوله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) النساء.

فهذه الأفعال: (ثم يحييكم، قل يحييها، وإذا حييتم، ثم يحييني، فلنحيينه)؛ متعلقة بالمستقبل، ولم يتم البدء فيها بعد، فهي بحاجة إلى توكيد وقوعها، لا توكيد استمرارها؛ لأن الاستمرار تبع للحدوث أولا، والحدث لم يقع بعد، فلا محل للحديث عن الاستمرار، فناسب ذلك إثبات الياء لا حذفها.

وقد اتصلت الأفعال في الأمثلة السابقة بضمائر متصلة فأصبحت الياء وسطًا، ولم تعد طرفًا كما حال الياء الأصلية والزائدة في النوع الأول والثاني؛ لذلك تم إفرادها في أبحاث خاصة بها.

وكان إثباتها في الأنواع السابقة يجعل الكلمة تنتهي بساكن؛ ومع السكون الإثبات وعدم الاستمرار، وحذفها يجعل الكلمة تنتهي بحركة؛ ومع الحركة الاستمرار وتبقى الكسرة دالة على الياء المحذوفة، والأطراف محل التغيير أكثر من الوسط.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير