تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي قوله تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)

فالأولى: لبيان الجنس.

والثانية: للتنصيص على العموم فلا يودون نزول أي خير على المسلمين.

والثالثة: لابتداء غاية الإنزال من الرب تبارك وتعالى.

&&&&&

الخامس عشر: توكيد العموم، وهو متصل بما سبق، فقولك: ما جاءني من أحد، يستفاد منه إثبات عموم نفي مجيء أي أحد والتأكيد على ذلك في نفس الوقت، وقد اشترط ابن هشام، رحمه الله، لصحة المعنيين 14 و 15، ثلاثة أمور:

أحدها: تقدم نفي أو نهي أو استفهام بـ "هل"، ومنه:

قوله تعالى: (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها)، فهي مسبوقة بـ "ما" النافية.

وقوله تعالى: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور)، فاجتمع في هذه الآية: النفي بـ "ما" في شطرها الأول، والاستفهام بـ "هل" في شطرها الثاني، فـ "من" في الشطرين للتنصيص والتوكيد على العموم، والله أعلم.

وتقول: لا يقم من أحد، أي: أي أحد.

وزاد الفارسي الشرط، ومنه قول الشاعر:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة ******* وإن خالها تخفى على الناس تعلم.

أي: ومهما تكن عند امرئ من أي خليقة يخفيها.

والثاني: تنكير مجرورها، كما في قوله تعالى: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)، فـ "تفاوت" نكرة، وهذا بين لأن النكرة تدل بأصل وضعها على العموم فإذا أضيفت عرفت كقولك: غلام زيد، وإذا وصفت خصصت كقولك: غلام صغير، والمقام مقام عموم، تنصيصا وتوكيدا فناسب أن يكون مجرور "من" الدالة عليه مفيدا للعموم بمادته، والله أعلم.

والثالث: كونه:

فاعلا، كما في قوله تعالى: (ما أتاهم من نذير)، فأصل الكلام: ما أتاهم نذير.

أو مفعولا به، كما في قوله تعالى: (وما أرسلنا قبلك من رسول)، فأصل الكلام: وما أرسلنا قبلك رسولا.

أو مبتدأ، كما في قوله تعالى: (وما من إله إلا إله واحد)، فأصل الكلام: وما إله إلا إله واحد.

بتصرف من "مذكرة في أصول الفقه"، للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، رحمه الله، ص246، 247.

ولذا فإننا عند الإعراب، نرفع الفاعل والمبتدأ بعلامة رفع مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وكذا ننصب المفعول بعلامة نصب مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وبَيِنٌ أن الزيادة هنا لا تعني الحشو، بمعناه الدارج بل هي زيادة مفيدة نصت على العموم وأكدت عليه، كما سبق، وهذه معان مفيدة معتبرة في الكلام، والله أعلم.

بتصرف من "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" لابن هشام، رحمه الله، (1/ 331_335).

ومن هذا العرض الماتع لإمام العربية في زمانه، ابن هشام، رحمه الله، يتضح للناظر مدى سعة هذه اللغة العظيمة في دلالات ألفاظها، فها هو لفظ واحد من ألفاظها مكون من حرفين من حروف المعجم يدل على خمسة عشر معنى تختلف تبعا لاختلاف السياق، فمن أراد النظر في نص ما لابد أن يحيط علما بدلالات ألفاظه ويختار منها ما ينسجم مع سياق الكلام لا أن يتعسف في اختيار دلالة لا يستقيم معها السياق جهلا أو تحكما.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 02 - 2009, 09:32 ص]ـ

ومن هذا الباب أيضا:

استقراء بعض معاني لفظة: "الروح" في لغة العرب:

http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=72525

ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 02 - 2009, 09:35 ص]ـ

وعلى نفس الرابط أيضا بعض الفوائد عن استقراء بعض معاني: "الرؤية" و "المعية" و "الكلام" في لغة العرب، على ملفات Word مرفقة مع المداخلات المتتابعة.

http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=72525

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير