لم نجد في سورة القمر أية آية تدل على حدوث الانشقاق في الماضي حتى تلك الأدلة الميسرة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ... ) لا تدل على حصول الانشقاق إلا إذا كان أهل مكة قد تعرضوا لطوفان كطوفان قوم نوح وريح كريح عاد ورجفة كرجفة ثمود وحجارة من سجيل كالحجارة التي أمطر بها قوم لوط.
أخي هذه الحجة تتحدث عن الأسباب وتجاهلت المسبب. أين قدرة الله عز وجل من هذا التبرير فالله قادر على أن يشق القمر دون أن يؤثر ذلك على الأرض ومن فيها.
وقد ورد من الأحاديث ما يؤكد انشقاق القمر.
ففي الحديث (أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما) متفق عليه
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا) متفق عليه
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لقد رأيت جبل حراء من بين فلقتي القمر.
وهذه المعجزة إحدى علامات الساعة التي حدثت، ففي الحديث الصحيح (خمس قد مضين الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام) متفق عليه. واللزام: القحط، وقيل التصاق القتلى بعضهم ببعض يوم بدر، والبطشة: القتل الذي وقع يوم بدر.
ذكر هذه الحادثة في القرآن الكريم مقروناً باقتراب الساعة، قال تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} (القمر:1)، ولما كان من عادة قريش التعنت والتكذيب فقد أعرضوا عما جاءهم، ووصفوا ما رأوه بأنه سحر ساحر. وقد حكى القرآن لسان حالهم ومقالهم فقال تعالى: {وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر}
واحتجاجهم ذلك شبهة مدحوضة، وقد أُجيب عن مثل هذه الشبهة قديماً، فقد نُقل عن أبي إسحاق الزجاج في معاني القرآن أنه قال: "أنكر بعض المبتدعة الموافقين لمخالفي الملة انشقاق القمر، ولا إنكار للعقل فيه لأن القمر مخلوق لله، يفعل فيه ما يشاء، كما يكوره يوم البعث ويفنيه".
ومما احتج به البعض: أنه لو وقع ذلك الانشقاق لجاء متواتراً، ولاشترك أهل الأرض في معرفته، ولما اختص به أهل مكة.
وجوابه أن ذلك وقع ليلاً، وأكثر الناس نيام، والأبواب مغلقة، وقلَّ من يرصد السماء إلا النادر، وقد يقع في العادة أن يخسف القمر، وتبدو الكواكب العظام، وغير ذلك في الليل ولا يشاهدها إلا الآحاد من الناس، فكذلك الانشقاق كان آية وقعت في الليل لقومٍ سألوا وتعنتوا، فلم يرصده غيرهم، ويحتمل أن يكون القمر ليلتئذٍ كان في بعض المنازل التي تظهر لبعض أهل الآفاق دون بعض، كما يظهر الكسوف لقوم دون قوم.
ونُقل عن الخطابي قوله: "انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيءٌ من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجاً من جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر".
وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة التي اعتنت بدراسة سطح القمر أنه يوجد به آثار انشقاق وانقسام، مما كان له أثر في إسلام البعض لمّا علم أن القرآن تكلم عن ذلك قبل قرون، فسبحان الذي أظهر الدلائل والآيات الدالة على ألوهيته وعظيم خلقه، قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد}
ولو بحثت في الشبكة عن صور انشقاق القمر-التي بثتها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا - والتى أكدها كثير من العلماء ومنهم الاستاذ زغلول النجار استاذ الجيولوجيا ستجد العجب العجاب حتى أن ذلك كان سببا في إسلام بعضهم.
والله أعلم
ـ[الحسن الهاشمي المختار]ــــــــ[16 - 02 - 2009, 10:30 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الفاضل باتل
بارك الله فيك، أشكرك على الرد وعلى الترحيب.
يقول خالق الناس والعليم بنفوسهم وطباعهم: وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ.
¥