نحو قوله تعالى {وما يشعركم أنها إذا جاءت لايؤمنون} 2.
في قراءة فتح الهمزة، أي: لعلها إذا جاءت.
وقد نقل لها هذا المعنى سيبويه عن الخليل، ومنه قولهم: أأت السوق أنك تشتري لنا شيئا. أي لعلك تشتري {3}.
2 ـ أورد النحاة لـ " كأن " معانيَ غير التشبيه، فمنهم من جعلها للتحقيق واستدل على ذلك
بقول عمر بن أبي ربيعة *:
كأني حين أمي لا تكلمني ذو بغية يشتهي ما ليس موجودا
ومنهم من قال إنها تفيد الشك، فقالوا إن كان خبرها اسما جامدا كانت للتشبيه، وإن كان مشتقا كانت للشك بمنزلة " ظن "، أما إذا كان خبرها فعلا.
نحو: كأنَّ زيدا قام، أو جملة اسمية. نحو: كأن خالدا أبوه قائم.
أو وصفا مشتقا. نحو: كأن محمدا قائم. فهي للظن والحسبان.
كما ذكروا أنها تكون للتقريب. نحو: كأن الشتاء مقبل.
والمعنى على تقريب إقبال الشتاء، وهو مذهب الكوفيين {4}.
3 ـ أورد النحاة لـ " لعل " معاني كثيرة غير التي ذكرناها آنفا منها:
أ ـ تكون للاستفهام. نحو قولك للرجل: لعلك شتمتني؟ تريد هل تشتمني؟ فيقول:
لا أو نعم 1.
ب ـ وتكون للشك بمنزلة " عسى ". نحو: لعل أخاك في المدرسة.
تريد: عسى أخوك في المدرسة. ومنه قوله تعالى {لعلي أبلغ الأسباب} 2.
وتقدير المعنى: عسى أبلغ الأسباب.
4 ـ إذا كانت " ما " الداخلة على " إنَّ " وأخواتها اسما موصولا، نحو:
إن ما تفعله مثمر. ومنه قوله تعالى: {إن ما تدعون لآت} 3.
وقوله تعالى: {لا جرم إنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا} 4.
أو " ما " المصدرية، نحو: إن ما عملت مثمر. أي: إن عملك مثمر.
فإن عملها يبقى قائما، وتكتب " ما " مفصولة عنهن، وإن وردت في بعض آيات القرآن متصلة بهن.
5 ـ الغالب عند النحاة، بل ما هو عليه الجمهور عدم جواز حذف اسم " إن " وأخواتها إلا إذا كانت مخففة، وكان المحذوف ضمير الشأن.
غير أن قلة منهم أجازوا حذفه في غير حال التخفيف، ولا يقتصر الحذف عندهم على الشعر، بل سمع في فصيح الكلام إذا دلت عليه القرينة، وقلما كان المحذوف غير ضمير الشأن 5.
وعليه يحمل قول الرسول الكريم: " إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ". لا على زيادة " من ". خلافا للكسائي.
ومن الذين قالوا بحذفه الخليل، وأبو حيان، واستشهدوا بقول الفرزدق:
فلو كنت ضبيَّا عرفت قرابتي ولكنَّ زنجيُّ عظيم المشافر
الشاهد قوله: ولكن زنجي، برفع زنجي على أنه خبر لكنَّ، واسمها محذوف.
إلا أن البيت فيه تخريج غير ذلك، فقدره سيبويه بقوله: ولكن زنجيا عظيم المشافر لا يعرف قرابتي 1.
ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[30 - 07 - 2006, 06:48 م]ـ
6 ـ يجوز زيادة الباء في خبر " أنَّ " إذا اشتملت الجملة فيما قبل " أنَّ " على نفي.
نحو قوله تعالى: {أوَ لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعْيَ بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى} 2.
والتقدير كأنه قيل: أو ليس الله بقادر، فنزلت " أنَّ " منزلة ليس، وليس إذا سبقا النفي جاز اقتران خبرها بـ " الباء " الزائدة.
7 ـ إذا وقعت " أنْ " المخففة من الثقيلة بعد فعل يفيد العلم، واليقين، لا يشك في أنها المخففة العاملة عمل " أنَّ "، والمضارع بعدها مرفوع.
نحو قوله تعالى: {علم أن سيكون منكم مرضى} 3.
ولا يجوز أن تكون " أنْ " الناصبة للفعل.
أما إذا سبقها فعل يدل على الظن الراجح جاز فيها أن تكون مخففة تعمل عمل " أنَّ " والمضارع بعدها مرفوع، وجاز أن تكون المصدرية الناصبة والمضارع بعدها منصوب، ومنه في قراءة النصب قوله تعالى: {وحسبوا أن لا تكون فتنة} 4.
وقرئ برفع " تكون " على اعتبار أن " أنْ " مخففة من الثقيلة.
والعلة في نصب الفعل بعد " أن " إذا سبقها الظن أن " أن " المصدرية الناصبة للفعل المضارع تستعمل في مقام الرجاء، والطمع فيما بعدها، فلا يناسبها اليقين {5}.
8 ـ يجوز في الاسم المعطوف على اسم " إنَّ " وأخواتها الرفع، والنصب، وهو مذهب أهل البصرة، والخليل وسيبويه، ومما ورد فيه الاسم مرفوعا قوله تعالى:
{إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى} 6.
وقوله تعالى: {يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله} 1.
وكان الرفع عند سيبويه حملا على الابتداء في الآية الأولى.
أما في الثانية فرفعت كلمة " رسوله " عطفا على الضمير المستتر في الخبر، أو على محل اسم " أن "، أو هو مبتدأ حذف خبره، والتقدير: ورسوله بريء، وهو أحسن الوجوه؛ لأنه في الوجه الأول قد فصل بين المتعاطفين بفاصل وهو الجار والمجرور، وإن كان قد جرى مجرى التوكيد، والثاني غير جائز عند المحققين أن نعطف على المحل {2}.
ومثال ما جاء منصوبا قوله تعالى: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر} 3.
قرئت " البحرُ " بالرفع والنصب، فالرفع على الاستئناف بالواو، أو رده على محل اسم " إن " قبل دخولها عليه.
وحجة من نصبه أنه عطفه على اسم إن.
ومنه قوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين} 4.
بنصب الصابئين عطفا على اسم إن.
وقال بعض النحاة إنّ الرفع في الاسم المعطوف على اسم إنّ وأخواتها يكون أجود بعد " إنّ، وأنّ، ولكن " واستدلوا على ذلك بمجيء الاسم مرفوعا في قوله تعالى:
{أن الله بريء من المشركين ورسوله} 5.
وأن النصب بعد اسم وخبر " كأن، ولعل، وليت " أجود.
وقد ذكر السيوطي أن العطف على اسم " إن " وأخواتها قبل الخبر لم يجز فيه إلا النصب، ثم عقب بقوله: وجوزوا الرفع 6.
¥