تيقنت أنْ رُبَّ امرئ خيل خائنا أمين، وخوان يخال أمينا
وقد أتي بالفاصل في الشواهد السابقة للتأكيد على أنَّ " أنْ " المفتوحة الهمزة الساكنة النون هي المخففة من الثقيلة، وليست " أنْ " المصدرية الناصبة للفعل المضارع.
فإن كان الخبر جملة اسمية تفيد الدعاء، أو فعلية فعلها جامد فلا يحتاج إلى فاصل بينه وبين
" أن ".
نحو قوله تعالى {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} 8.
نحو قوله تعالى: {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} 9.
في قراءة الرفع وتخفيف " أنَّ ".
57 ـ ومنه قول الأعشى:
في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعل
ومثال الخبر الواقع فعلا جامدا قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} 1.
وقوله تعالى: {وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم} 2
3 ـ كأنَّ. حكمها في التخفيف كحكم " أنَّ " يجب إعمالها، ووجب أن يكون اسمها ضمير الشأن المحذوف. غير أن كثيرا من النحاة لم يشترط أن يكون اسمها ضميرا، وأنه يذكر في الكلام أكثر من ذكر اسم " أن "، واستدلوا على ذلك، 58 ـ بقول الشاعر*:
ويوما توافينا بوجه مقسَّم كأن ظبية تعطوا إلى وارق السلم
فـ " كأنْ " مخففة من الثقيلة، وظبية في رواية النصب اسمها، وخبرها محذوف.
وأما على رواية الرفع تكون ظبية خبر كأن، واسمها ضمير الشأن المحذوف، والتقدير: كأنه
ظبية. وهذا هو الوجه الأحسن فيما دل عليه الكلام من أن حكمها في العمل كحكم أنْ، و " أنْ " تعمل مخففة واسمها ضمير الشأن المحذوف دائما.
ومنه قول الشاعر*:
وصدر مشرق النحر كأن تدييه حقان
ويروى " تدييه " و " تدياه " بروايتى النصب والرفع كما في البيت السابق.
وعندما تخفف " كأنَّ " يصح دخولها على الجمل بنوعيها اسمية كانت، أم فعلية.
فمثال الأول: كأن أسد أقبل نحونا. ومنه الشواهد السابقة، وهي لا تحتاج إلى فاصل بينها وبين الجملة الواقعة خبرا.
وإذا دخلت على الجملة الفعلية وجب الفصل بينها وبين الجملة الواقعة خبرا، ويكون الفصل إما بـ " قد "، أو بـ " لم ".
ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[30 - 07 - 2006, 06:46 م]ـ
59 ـ مثال الأول قول النابغة الذبياني:
أفد الترحل غير أن ركابنا لما نزل برحالنا وكأن قدِ
التقدير: وكأن قد زالت، فحذفت الجملة الواقعة خبرا لـ " كأن " بعد أ، فصل بينها بـ " قد ".
ومنه قول الآخر*:
لا يهولنك اصطلاء لظى الحر ب فمحذورها كأن قد ألما
107 ـ ومثال الثاني قوله تعالى: {كأنْ لم يدعنا إلى ضر مسه} 1.
وقوله تعالى: {كأن لم تغن بالأمس} 2.
وقوله تعالى: {ولى مستكبرا كأن لم يسمعها} 3.
وقد فصل بين " كأنْ " والجملة الواقعة خبرا لها لئلا يلتبس بينها وبين أن المصدرية الداخلة عليها كاف التشبيه.
4 ـ لكنَّ. إذا خففت نون " لكنَّ " وجب إهمالها، وبطل عملها بالإجماع، إلا يونس، والأخفش قالا بإعمالها.
وعند تخفيفها يزول اختصاصها بالجمل الاسمية، وتكون صالحة للدخول على الجمل بنوعيها اسمية وفعلية.
وهي حينئذ إما عاطفة كـ " بل "، أو حرف ابتداء.
108 ـ نحو قوله تعالى: {لكنِ الله يشهد بما أنزل إليك} 4.
وقوله تعالى: {لكنِ الظالمون اليوم في ضلال مبين} 5.
ومثال دخولها على الجملة الفعلية قوله تعالى: {ولكنْ كانوا أنفسهم يظلمون} 1.
وعن الكسائي أن المختار عند العرب تشديد النون إذا اقترنت " لكنِّ " بالواو.
نحو قوله تعالى: {ولكنَّ الظالمين بآيات الله يجحدون} 2.
وتخفيفها إذا لم تقترن بها.
نحو قوله تعالى: {لكنِ الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا} 3.
وقوله تعالى: {لكنِ الذين اتقوا ربهم} 4.
وعللوا ذلك بأن المخففة تكون عاطفة كما ذكرنا سابقا، فلا تحتاج إلى واو معها مثلها مثل " بل " فإذا سبقتها الواو، وهو قليل انتقل العطف إلى الواو، وتكون " لكن " ابتدائية مهملة لا عمل لها تفيد الاستدراك ليس غير.
ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[30 - 07 - 2006, 06:47 م]ـ
تنبيهات وفوائد
1 ـ ذكرنا أن " إنَّ " و " أنَّ " يفيدان التوكيد كما هو عند جمهور النحاة، غير أن بعضهم جعلها للتأكيد، والتحقيق، وبعضهم جعلها للثبات والدوام {1}.
كما تفيد " أنَّ " معنى الترجي فتكون بمعنى " لعل ".
¥