تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما قولك:"فمن النقاد (النحاة أفضل) من يرى أن الفعل (تفدِ) مجزوم بلام الطلب المحذوفة، وانا أرى حذف الياء كثير في لغة العرب والقرآن ".

أقول نعم صدقت حذف الياء قد تحمل على أنها لغة، ولكن هذا البيت حُمل على أنّ (لام الطلب) لا تحذف إلا بالضرورة، لأنه وجد لها نظير من الشواهد، قال ابن هشام في مغني اللبيب باب الام (لام الجزم أو الطلب أو الأمر):" وقد تحذف اللام في الشعر ويبقى عملها كقوله:

فلا تستطلْ مني بقائي ومُدتي **ولكن يكنْ للخير منكَ نصيبُ

وقوله:

محمد تفدِ نفسك كلَّ نفسٍ ** إذا ما خِفت من شيءٍ تبالا

أي: ليكنْ، ولتفدِ" ...

ومنع المبرد حذف اللام وبقاء عملها حتى في الشعر ... " ينظر مغني اللبيب، تحقيق عبداللطيف الخطيب، ط1، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2000م، 3/ 228.

قال الألوسي:" جاء في ضرورة الشعر حذف لام الأمر في فعل غير الفاعل المخاطب، كقوله:

محمد تفدِ ...

والتقدير يا محمد لتفدِ نفسك كل نفس، قال سيبويه: واعلم أن هذه اللام قد يجوز حذفها في الشعر وتعمل مضمرة كأنهم شبهوها بأن إذ اعملوها ...

وقال متمم بن نويرة:

على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي **لك الويلُ حُرَّ الوجه، أو يبكِ من بكى

أراد: ليبكِ.

وقال الأعلم: هذا من أقبح الضرورة، لأن الجازم أضعف من الجار، وحرف الجر لا يضمر، وقد قيل أنه مرفوع حذفت لامه ضرورة، واكنفى بالكسرة منها، وهذا أسهل في الضرورة وأقرب. انتهى " الضرائر 57.

قال الأستاذ عباس حسن في كتابه النحو الوافي:" وإما قليل (أي حذف لام الأمر الطلب) مقصور على حالة الضرورة الشعرية، وهذا إن لم يسبقها شيء من مادة القول نحو:

محمد تفدِ ...

وقول الآخر:

فلا تستطلْ مني بقائي ومدتي ** ولكن يكنْ للخير منك نصيبُ

والأصل فيهما لتفدِ، وليكنْ، فحذف اللام للضرورة " ينظر النحو الوافي، ط3/ 1974م، دار المعرف، مصر، 4/ 408.

قلت: أما قوله (قبل هذا الكلام الذي نقلته) وحذفها كثير مطرد وهو بعد القول، فهو نحو قوله تعالى:"قل لعبادي الذين آمنوا يفيموا الصلاة ... " أي: ليقيموا الصلاة، أما هذه الأبيات فالقول منتفٍ، لذلك عدّ حذف اللام ضرورة.

وقد مرّ بنا أن الأستاذ محمد حماسة عدّ البيت الثاني مما سبق من ضرورة جزم المضارع الصحيح بلا جازم.

وقال ابن عصفور في شرح جمل الزجاجي 2/ 254:" فإن قلت أجزمه بإضمار اللام، فالجواب: أنه لايضمر الجازم إلا في ضرورة، مثل قوله:

محمد تفدِ .... ".

وقال في ص304 في نفس الجزء:" واعلم أنه لا يجوز حذف الجازم وإبقاء عمله إلا في لام الامر خاصة، وذلك ضرورة، نحو قوله:

محمد تفدِ ... ".

فما وقعت يدي، ولا وقع ناظري على أنّ هذا البيت استشهد به على أنه أتى على لغة من لغات العرب، إذ أغلب النحاة (قلت الأغلب) مما وجدت استشهدوا به على حذف لام الامر كما هو واضح، الذي لا يحمل على قوله تعالى:"إذا يسر"، و"ما كنا نبغِ"، "يوم يأتِ"، أما الأسماء التي في الآيات "المتعال" و "الواد" فمستحيل تقدير اللام فيها فتقول أنه أراد: والليل ليسر، يوم ليأت لا تكلم ... ، ذلك ما كنا لنبغ، كذلك في الأبيات التي ذكرت، فالمعنى لا يحتمل شيئا فتنبه أخي الكريم لأنك وضعت الشاهد في غير موضعه، ولا حجة في كل ما ذكرت لأنه من باب ضرورة أخرى، أو أنها لغة، وفي هذا تفصيل سوف أتجنبه إلا إذا أحببت أن أخوضه في مرة مقبلة- إن شاء الله -.

أما ما عنيته أنا عند ذكري لبيت قيس العبسي فليس من باب القياس – بارك الله فيك – بل للتبيين للأخرة أنه يعد كذلك من الضرورات، كنوع من زيادة معرفة لاأكثر ولا أقل، وقد عده جمهور النحاة ضرورة (أقول جمهور النحاة)، أما قولك إشباع فهو وجه، لا يفرض على بقية الوجوه إذ ورد نظير ذلك بأن (لم) قد لا تجزم في الضرورة، وفيه تفصيل إذا أحببت عرضناه لك.

تحية لك أخي الكريم واسمح لي على الإطالة لأني والله لا أرجو بها إلا الفائدة لي ولك وللأخوان، بارك الله في الجميع.

والله تعالى أعلم

ـ[أبو طارق]ــــــــ[02 - 08 - 2006, 07:30 م]ـ

أبا تمام جهد مشكور. وجزاك الله خيراً. أستاذنا الفاضل , مثل هذه الردود بهذا الحجم تتعب القارئ حفظك الله ورعاك , لا بأس لو جزأت ردك إلى عدة ردود فهذا أدعى للمتابعة.

ولا بأس من أن نخطئ , ولا بأس أن نوجَه. وصدورنا رحبة طالما أننا نتمتع بحسن التعامل فيما بيننا , وعدم تجريح بعضنا. ولم أرَ كأساتذة الفصيح أمثالكم في حسن تعاملهم مع إخوانهم.

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير