ونفي الخبرُ، وعَمَلُها عَمَلَ (ليس) قليلٌ، بخلاف (إنْ)، حتّى أنكره بعضهم، وقال بعضهم: تعمل عمل (ليس) في رفع الاسم خاصّةً، لا في نصب الخبر؛ لضعفها، ودليل عملها فيهما قوله:
37 - تعزَّ فلا شيءٌ على الأرضِ باقياً
ولا وَزَرٌ مما قضى اللهُ واقياً
[لات]
وأمّا (لات) فتاؤها زائدةٌ، كـ (ثُمّتَ) و (رُبّتَ)، وقال ابن أبي الربيع: ((إنّ أصلَها (لَيس)، فَقُلبتْ ياؤها ألفاً، وأُبْدِلَتْ سينُها تاءً)).
ويقوّي هذا قولُ سيبويه: إنّ اسمَها مضمرٌ فيها، ولا يُضْمَرُ إلا في الأفعال.
وتختصّ بالحينِ أو مرادفِهِ، كقوله تعالى: "ولاتَ حينَ مناصٍ"، وكقول رجلٍ من طيئٍ:
38 - نَدِمَ البُغاةُ ولاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ
والبغيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيهِ وَخِيمُ
وغلب إضمارُ اسمها وإظهارُ خبرها، وقد يرفعون بها الاسم، ويحذفون الخبر، ومنه قراءة: "ولات حينُ مناصٍ" برفعه.
[إنْ]
وأمّا (إنِ) النافية فأكثر البصريّين أنّها لا تعمل عمل (إنّ)، وَيُنْشَدُ على إعمالها:
39 - إنْ هو مستولياً على أحدٍ
إلا على أضعفِ المجانينِ
الباب الثاني: في تقسيم الحروف بحسب ألقابها.
وتنتهي إلى خمسين، فمنها:
العطف، وحروفه:
(الواو): للجمع المطلق، لا للترتيب، خلافاً لبعض الكوفيّين.
و (الفاء) للتعقيب، وقيل: تأتي لمطلق الجمع كالواو، وقيل بذلك [6أ] في الأماكن، نحو: نزل المطر بمكان كذا فكذا، وقيل: إنّها تأتي بمعنى (حتّى)، كقوله تعالى: "فهم فيه شركاء".
وقيل: إنّها تأتي زائدة، وقد يصحبها معنى السبب، نحو: زنى ماعزٌ – رضي الله عنه – فَرُجِمَ.
و (ثمّ): للمهلة، وقيل: تأتي لمطلق الجمع كالواو.
و (حتّى): لمطلق الجمع، كالواو، وقيل: للترتيب.
وشرطها: أن يكون ما بعدها جزءاً ممّا قبلها، نحو: قَدِمَ الحاجُّ حتّى المشاةُ، أو ملابِسَهُ، نحو: خرج الصيّادون حتّى كلابُهم.
وهذه الأربعةُ تشتركُ في الإعراب والمعنى.
و (أو) للشكِّ: نحو: جاء زيدٌ أو عمرٌو.
وللإبهامِ، كقوله تعالى: "أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً".
أو للتفصيلِ، كقوله تعالى: "وقالوا كونوا هوداً أو نصارى".
أو للتخييرِ، نحو: خُذْ من مالي ديناراً أو درهماً.
أو للإباحةِ، نحو: جالِسِ الحسن أو ابن سيرين.
ويجمع هذه أنّها لأحد الشيئين أو الأشياء.
وَزِيدَ (بمعنى الواو)، كقول امرئ القيس:
40 - فَظَلَّ طُهاةُ اللحمِ مِنْ بَيْنِ مُنْضِجٍ
صَفِيفَ شِواءٍ أو قَدِيرٍ مُعَجِّلِ
وبمعنى (بل)، نحو:
41 - بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشمسِ في رونقِ الضحى
وصورتِها أو أنتِ في العينِ أملحُ
و (إمّا) المسبوقة بمثلها على مذهب الأكثر، ومذهب أبي عليٍّ وابنِ كيسانّ أنّها ليستْ بعاطفةٍ، والعطفُ بالواو قبلها.
وتجيء لشكٍّ، أو إبهامٍ، أو تخييرٍ.
والأفصحُ كسرُ همزتِها، وجاء فتحها، والأفصحُ أن تُستعمَلَ أيضاً مكرّرةً.
والفرق بينها وبين (أوْ) أنّ الكلام معها أوّلاً مبنيٌّ على الشكّ، بخلاف (أوْ).
وهي و (أوْ) يشتركان في الإعراب، لا في المعنى، وقيل: وفي المعنى.
و (أم) المتصلة: وَشَرْطُها أن تتقدّمَ همزةُ استفهامٍ، ويليها مفردٌ، أو مقدّرٌ به، نحو: أزيدٌ عندك أم عمرو؟، و: أقام زيدٌ أم قعد؟ وإلا كانتْ منقطعةً.
ومعنى المتّصلةِ: أيّهما عندك؟ وجوابُها يعتبر أحدهما.
ومعنى [المنقطعة]: (بَلْ) والهمزةُ معاً، وقيل: معنى (بَلْ).
و (بَلْ): لإثبات الحُكْمِ للثاني دون الأوّل، نحو: قام زيدٌ بن عمروٌ، والنفيُ كالإيجابِ، نحو: ما قام زيدٌ بل عمروٌ، أي: قام، وذهب المبرّدُ إلى أنّه يجوزُ أنْ يكونَ تقديرُهُ: بل ما قام.
و (لكنْ): ومعناها الاستدراكُ.
وَشَرْطُها: أن يتقدّمها نفيٌ، أو نهيٌ، نحو: ما قام زيدٌ لكنْ عمرٌو، ولا تضربْ زيداً لكنْ عَمْراً. ومذهبُ يونسَ أنّها غيرُ عاطفةٍ، ويؤوّل ما بعدها على تقدير فعلٍ.
و (لا) لإخراجٍ من حُكْمِ الأوّلِ.
وَشَرْطُها أنْ يتقدّمَها إيجابٌ، أو أمرٌ، نحو: قام زيدٌ لا عمرٌو، واضربْ زيداً لا عَمْراً.
وفي العطفِ بها بعد الماضي خلاف، وفي الصحيحِ جوازُهُ؛ لورودِهِ، نحو:
42 - كأنَّ دِثاراً حَلَّقَتْ / بِلَبُونِهِ [6ب]
عُقابُ تَنُوفَى لا عُقابُ القَواعِلِ
وهذه الأربعةُ تشترك في الإعراب دون المعنى، وشرطُ العطفِ بها وقوعُ المفردِ بعدها.
وزاد الكوفيّون في حروفه (ليس)، كقوله:
¥