2 - كون الشيخ ذكر المتن، فسُئل عن صحابيِّه، فذكره، فسُئل عن التابعي، فذكره، إلى آخر الإسناد، فيؤلِّف (أو يرقِّع) الراوي هذا الإسناد، ويذكره بالعنعنة، وقد كانت هذه عادة من بعض الرواة، كالأعمش وشريك.
3 - التخفيف على رواة الحديث وكَتَبَتِهِ، فتكرار كتابة (حدثنا فلان، حدثنا فلان) وروايتها يشقُّ ويصعب، خاصة مع طول الأسانيد.
وقد رأى العلامة المعلمي -رحمه الله- في كلامه الذي نقله الأخ (العابري) أن العنعنة في الأسانيد ناتج عن الحال الثانية (تصرُّف مَنْ دون الراوي) فحسب، لكن الأصح وجود الحالين، وإن كان الأغلب الأعم ما رآه المعلمي.
ما سبق ملخَّصٌ مع بعض التوضيح من (الاتصال والانقطاع) للشيخ إبراهيم اللاحم (ص17 - 24)، ولا بد من مراجعته للباحث في هذه المسألة، ففيه النماذج والأمثلة من أقوال الرواة وأخبارهم.
ومنه يتبين: أن قول الأخ (محمد التونسي):
لماذا نجد بعض الروات غير المدلسين يعنعنون مع علمهم أن العنعنة تفيد السماع و غيره و قد ثبت سماعهم تلك الأحاديث من شيوخهم و الأولى بهم أن يصرحوا بالسماع
له وجهٌ في الحال الأولى من حالات العنعنة في الأسانيد، وأما في الحال الثانية؛ فقد تبيَّن أن المسؤول عن العنعنة مَنْ دون الراوي، لا الراوي نفسُه.
وربما قيل في أسباب عنعنة الرواة في الحال الأولى:
1 - التخفُّف من صيغ التحديث، والتخفيف على التلاميذ والرواة، كما هو الحال في أسباب العنعنة في الحال الثانية.
2 - الاكتفاء باشتهار سماع الراوي من شيخه الذي عنعن عنه -إن كان ذلك ثابتًا مشهورًا-، قال الحافظ محمد بن عبدالله بن عمار: قلت له -يعني: حفصَ بن غياث-: ما لكم؛ حديثكم عن الأعمش إنما هو: (عن فلان، عن فلان)، ليس فيه (حدثنا) ولا (سمعت)؟ قال: فقال: (حدثنا الأعمش، قال: سمعت أبا عمار، عن حذيفة ... )، وهذا يدخل فيه تصرُّف مَنْ دون الراوي بصيغ الرواية وجعلها بالعنعنة، وربما أفاد بظاهره أن حفص بن غياث اكتفى بشهرة صحبته للأعمش عن التصريح بصيغة سماعه من الأعمش، فجعل روايته عنه بالعنعنة -كما وصف ابن عمار-، وهذا محتمل من ظاهر خبر ابن عمار، وإن كان فيه بعض البُعد.
3 - كون الرواية مناولة لا إخبار فيها ولا تحديث، قال عمرو بن أبي سلمة: قلت للأوزاعي في المناولة، أقول فيها: (حدثنا)؟ قال: (إن كنت حدثتك فقل)، فقلت: أقول: (أخبرنا)؟ قال: (لا)، قال: قلت: فكيف أقول؟ قال: (قل: "قال أبو عمرو"، و: "عن أبي عمرو").
4 - كون الخبر غير مسموع للراوي -مع كونه غير مدلس-، ومن ذلك:
قول سفيان بن عيينة: سمعت ابن المنكدر غيرَ مرةٍ يقول: (عن جابر)، وكأني سمعته مرةً يقول: (أخبرني من سمع جابرًا) فظننتُ أنه سمعه من ابن عقيل)،
ومنه:
قول أبي حاتم: (عبدالله بن شوذب خراسانيٌّ ثقة، وقع إلى الرملة، ويقول ابنُ شوذب: "عن الحسن" ولم يره، ولم يسمع منه).
هذا ما بدا لي، ولعل التعمق في البحث عن أسباب العنعنة في الحال الأولى -مع قلَّتها أو ندرتها- ليس بذي ثمرة عملية ظاهرة، والله أعلم.
ـ[عمر بن الشريف]ــــــــ[20 - 01 - 10, 10:54 م]ـ
جزاكم الله خيرا ... ونفع الله بكم الأمة
ـ[محمد التونسي]ــــــــ[20 - 01 - 10, 11:30 م]ـ
أحسن الله إليكم و بارك فيكم أجمعين
الحقيقة بحث ممتاز أمدنا به الأخوين العابري و محمد بن عبد الله نسأل الله أن يكون في ميزان حسناتهم