حياك الله يا أبا مسلم, وجزيت خيراً ..
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[21 - 02 - 10, 10:11 م]ـ
4 - تفسير بعض ألفاظ الجرح والتعديل ونحو ذلك:
1 - قال المعلمي ص 30: جرير بن عبدالحميد وأبو عوانة الوضاح بن عبدالله اليشكري قال الذهبي في خطبة الميزان: (وفيه - يعني الميزان- من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين وأقل تجريح فلولا أن ابن عدي أو غيره من مؤلفي كتب الجرح ذكروا ذلك الشخص لما ذكرته لثقته) , وهكذا قد يذكر في الترجمة عبارة لا قدح فيها ولا مدح وإنما ذكرها لاتصالها بغيرها, فمن ذلك أنه ذكر جرير بن عبدالحميد فقال في أثناء الترجمة: (قال ابن عمار كان حجة وكانت كتبه صحاحاً، قال سليمان بن حرب: كان جرير وأبو عوانة يتشابهان, ما كان يصلح إلا أن يكونا راعيين, وقال ابن المديني: كان جرير بن عبدالحميد صاحب ليل, وقال أبو حاتم: جرير يحتج به, وقال سليمان بن حرب: كان جرير وأبو عوانة يصلحان أن يكونا راعيي غنم؛ كانا يتشابهان في رأي العين, كتبت عنه أنا وابن مهدي وشاذان بمكة) , لم يتعرض صاحب التهذيب مع محاولته استيعاب كل ما يقال من جرح أو تعديل لقضية التشابه ولا الصلاحية لرعي الغنم؛ لأنه لم ير فيها ما يتعلق بالجرح والتعديل, وأما الذهبي فذكر ذلك لاتصاله بغيره ولأن ذكر الصلاحية لرعي الغنم إنما فائدته تحقيق التشابه في رأي العين وبيان أنهما كانا يتشابهان, ربما تكون له فائدة ما.
والمقصود أن مراد سليمان من بيان صلاحية الرجلين لرعي الغنم هو تحقيق تشابههما في رأي العين, كما يبينه السياق, ووجه ذلك أن من عادة الغنم أنها تنقاد لراعيها الذي قد عرفته وألفته وأنست به وعرفت صوته, فإذا تأخر ذاك الراعي في بعض الأيام وخرج بالغنم آخر لم تعهده الغنم, لقي منها شدة, لا تنقاد له ولا تجتمع على صوته ولا تنزجر بزجره, لكن لعله لو كان الثاني شديد الشبه بالأول لانقادت له الغنم, تتوهم أنه صاحبها الأول, فأراد سليمان أن تشابه جرير وأبي عوانة شديد بحيث لو رعى أحدهما غنماً مدة ألفته وأنست به ثم تأخر عنها وخرج الآخر لانقادت له الغنم, تتوهم أنه الأول, وقد روى سليمان بن حرب عن الرجلين, وقال أبوحاتم: كان سليمان بن حرب قل من يرضى من المشايخ, فإذا رأيته قد روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة.
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[27 - 02 - 10, 09:14 م]ـ
2 - تفسير كلمة: "ثقة":
قال المعلمي رحمه الله ص260: وهكذا كلمة ثقة, معناها المعروف التوثيق التام, فلا تصرف عنه إلا بدليل؛ إما قرينة لفظية كقول يعقوب -ابن شيبة-: "ضعيف الحديث وهو ثقة صدوق" ... .وإما حالية منقولة أو مستدل عليها بكلمة أخرى عن قائلها ... أو عن غيره ولا سيما إذا كانوا هم الأكثر. وقال ص 244: هذا وكل ما يخشى في الذم والجرح يخشى في الثناء والتعديل, فقد يكون الرجل ضعيفاً في الرواية لكنه صالح في دينه كأبان بن أبي عياش, أو غيور على السنة كمؤمل بن إسماعيل, أو فقيه كمحمد بن أبي ليلى, فتجد أهل العلم ربما يثنون على الرجل من هؤلاء غير قاصدين الحكم له بالثقة في روايته, وقد يرى العالم أن الناس بالغوا في الطعن فيبالغ هو في المدح, كما يروى عن حماد بن سلمة أنه ذكر له طعن شعبة في أبان بن أبي عياش فقال: "أبان خير من شعبة", وقد يكون العالم وادّاً لصاحبه .. فيأتي بكلمات الثناء التي لا يقصد بها الحكم, ولاسيما عند الغضب كأن تسمع رجلاً يذم صديقك أو شيخك أو إمامك فإن الغضب قد يدعوك إلى المبالغة في إطراء من ذمه.
وقال ص 258:
وجاء عنه- أي ابن معين- توثيق جماعة ضعفهم الأكثرون منهم تمام بن نجيح ودراج بن سمعان والربيع بن حبيب الملاح وعباد بن كثير الرملي ومسلم بن خالد الزنجي (قلت هو بفتح الزاي) ومسلمة بن علقمة وموسى بن يعقوب الزمعي ومؤمل بن إسماعيل ويحيى بن عبد الحميد الحماني, وهذا يشعر بأن ابن معين كان ربما يطلق (ثقة) لا يريد بها أكثر من أن الراوي لا يتعمد الكذب.
وقال ص 582: فكأنهم استكرهوا ابن المديني على أن يثني على أبي حنيفة ويوثقه فاضطر إلى أن يوافقهم وقد يكون ورّى فقصد بكلمة (ثقة) معنى أنه لم يكن يكذب.
¥