159 – أهل العلم يكرهون للمتوضىء ترك مسح أذنيه ويجعلونه تارك سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يوجبون عليه إعادة، إلاَّ إسحاق بن راهويه فإنَّه قال: إن ترك مسح أذنيه عادماً لم يجزه، وقال أحمد بن حنبل: إن تركها عمداً أحببتُ أن يعيد، وقد كان بعض أصحاب مالك يقول: من ترك سنة من سنن الوضوء أو الصلاة عامداً أعاد، وهذا عند الفقهاء ضعيف، وليس لقائله سلف، ولا له حظ من النظر، ولو كان كذلك لم يعرف الفرض الواجب من غيره. التمهيد: (2/ 277).
160 – قال بعض المنتمين إلى العلم من أهل عصرنا: إنَّ الكبائر والصغائر يكفرها الصلاة والطهارة، واحتج بظاهر حديث الصنابحي [2] هذا، وبمثله من الآثار وبقوله صلى الله عليه وسلم:" فما ترون ذلك يبقى من ذنوبه ". وما أشبه ذلك، وهذا جهل بينٌ، وموافقة للمرجئة فيما ذهبوا إليه من ذلك، وكيف يجوز لذي لبٍّ أن يجعل هذه الآثار على عمومها وهو يسمع قول الله عز وجل: [يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوح]. وقوله تبارك وتعالى: [وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون]. في أي كثيرة من كتابه.
ولو كانت الطهارة والصلاة وأعمال البر مكفرة للكبائر، والمتطهر المصلي غير ذاكر لذنبه الموبق ولا قاصد إليه، ولا حضره في حينه ذلك أنَّه نادم عليه ولا خطرت خطيئته المحيطة به بباله، لما كان لأمر الله عز وجل بالتوبة معنى، ولكان كل من توضأ وصلى يشهد له بالجنة بأثر سلامه من الصلاة، وإن ارتكب قبلها ما شاء من الموبقات الكبائر، وهذا لا يقوله أحدٌ ممن له فهم صحيح، وقد أجمع المسلمون: أنَّ التوبة على المذنب فرض والفرض لا يصح أداء شيء منها إلاَّ بقصد ونية واعتقاده أن لا عودة، فأمَّا أن تصلي وهو غير ذاكر لما ارتكب من الكبائر، ولا نادم على ذلك فمحال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الندم توبة ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر ". التمهيد: (2/ 281).
161 – في حديث أبي رافع هذا [3] ما يدل على أنَّ المقرض إن أعطاه المستقرض أفضل مما أقرضه جنساً أو كيلاَ، أو وزناَ أنَّ ذلك معروف وأنَّه يطيب له أخذه منه لأنَّه أثنى فيه على من أحسن القضاء، وأطلق ذلك ولم يقيده بصفة ... وهذا عند جماعة العلماء إذا لم يكن عن شرط منهما في حين السلف. التمهيد: (2/ 293).
162 – أجمع المسلمون نقلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم: إنّ اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان من قبضة علف أو حبة، كما قال ابن مسعود: أو حبة واحدة. التمهيد: (2/ 193).
163 – وجائز للمرء أن يهجر من خاف الضلال عليه ولم يسمع منه ولم يطعه، وخاف أن يضل غيره وليس هذا من الهجرة المكروهة، ألا ترى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر النَّاس أن لا يكلموا كعب بن مالك حين أحدث في تخلقفه عن تبوك ما أحدث، حتى تاب الله عليه، وهذا أصلٌ عند العلماء في مجانبة من ابتدع وهجرته وقطع الكلام معه، وقد حلف ابن مسعود أن لا يكلم رجلاً رآه يضحك في جنازة. التمهيد: (2/ 302).
164 – الربا الذي ورد به القرآن فهو زيادة في الأجل، يكون بأزائه زيادة في الثمن، وذلك أنَّهم كانوا يتبايعون إلى أجل فإذا حلَّ الأجل قال صاحب المال: إمَّا أن تقضي، وإمَّا أن تربي، فحرَّم الله ذلك في كتابه، وعلى لسان رسوله، واجتمعتْ عليه الأمة، ومن هذا الباب عند أهل العلم ضع وتعجل لأنَّه عكس المسألة، ومن رخص فيه لم يكن عنده من هذا الباب، وجعله من باب المعروف. التمهيد: (2/ 304).
165 – قال مالك: إنَّ من تولى تفريق الصدقات لم يعدم من يلومه، قال: وقد كنتُ أتولاها لنفسي فأوذيت فتركتُ ذلك. التمهيد: (2/ 306).
166 - الأوقية إذا أطلقت فإنَّما يراد بها الفضة دون الذهب وغيره، هذا قول العلماء، ألا ترى إلى حديث أبي سعيد الخدري: " ليس فيما دون خمسة ذود صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمسة أواق صدقة ". فلم يختلف العلماء أنَّه لم يعنِ بذلك إلاَّ الفضة دون غيرها، وما علمتُ أنَّ أحداً قال الأوقية المذكورة في هذا الحديث: أنَّه أريد بها غير الفضة، وفي ذلك كفاية. التمهيد: (2/ 307).
¥