•ولو صلى محدثاً متعمداً بلا عذر أثم ولا يكفر عندنا وعند الجماهير. وحكى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يكفر لتلاعبه، ودليلنا أن الكفر للاعتقاد، وهذا المصلى اعتقاده صحيح، وهذا كله إذا لم يكن للمصلي محدثاً عذر، أما المعذور كمن لم يجد ماء ولا تراباً ففيه أربعة أقوال للشافعي رحمه الله تعالى وهي مذاهب للعلماء، قال بكل واحد منها قائلون أصحها عند أصحابنا يجب عليه أن يصلي على حاله، ويجب أن يعيد إذا تمكن من الطهارة. والثاني: يحرم عليه أن يصلي ويجب القضاء. والثالث: يستحب أن يصلي ويجب القضاء. والرابع: يجب أن يصلي ولا يجب القضاء وهذا القول اختيار المزني وهو أقوى الأقوال دليلاً. فأما وجوب الصلاة فلقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا أمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم». وأما الإعادة فإنما تجب بأمر مجدد والأصل عدمه، وكذا يقول المزني: كل صلاة أمر بفعلها في الوقت على نوع من الخلل لا يجب قضاؤها والله أعلم.
•وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» فمعناه حتى يتطهر بماء أو تراب، وإنما اقتصر صلى الله عليه وسلم على الوضوء لكونه الأصل والغالب والله أعلم.
•وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا صدقة من غلول» فهو بضم الغين والغلول الخيانة وأصله السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة. (ج3حديث224 - 225)
•قال ابن حجر في فتح الباري/ (باب لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بغير طُهور)
•والمراد بالقبول هنا ما يرادف الصحة وهو الإجزاء، وأما القبول المنفي في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ” من أتى عرافا لم تقبل له صلاة ” فهو الحقيقي، لأنه قد يصح العمل ويتخلف القبول لمانع، ولهذا كان بعض السلف يقول: لأن تقبل لي صلاة واحدة أحب إلي من جميع الدنيا، قاله ابن عمر، قال: لأن الله تعالى قال: (إنما يتقبل الله من المتقين)
• (أحدث) أي وجد منه الحدث، والمراد به الخارج من أحد السبيلين، وإنما فسره أبو هريرة بأخص من ذلك تنبيها بالأخف على الأغلظ، ولأنهما قد يقعان في أثناء الصلاة أكثر من غيرهما.
•واستدل بالحديث على بطلان الصلاة بالحدث سواء كان خروجه اختياريا أم اضطراريا، وعلى أن الوضوء لا يجب لكل صلاة لأن القبول انتفى إلى غاية الوضوء.
• (يتوضأ) أي بالماء أو ما يقوم مقامه، وقد روى النسائي بإسناد قوي عن أبي ذر مرفوعا ” الصعيد الطيب وضوء المسلم ” فأطلق الشارع على التيمم أنه وضوء لكونه قام مقامه. (ج1حديث135)
•قال ابن بطال: فيه رد على من قال إن من أحدث في القعدة الأخيرة أن صلاته صحيحة لأنه أتى بما يضادها.
•وانفصل الحنفية بأن السلام واجب لا ركن، فإن سبقه الحدث بعد التشهد توضأ وسلم وإن تعمده فالعمد قاطع وإذا وجد القطع انتهت الصلاة لكون السلام ليس ركنا وقال ابن بطال: فيه رد على أبي حنيفة في قوله إن المحدث في صلاته يتوضأ ويبني. (ج12حديث6954)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
نموذج من كتاب الصيام
باب فضل شهر رمضان
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضي اللّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ». وفي رواية: ( ... فُتِّحَتْ أَبْوابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّياطِين).
•قال النووي في المنهاج/
•فيه دليل للمذهب الصحيح المختار الذي ذهب إليه البخاري والمحققون أنه يجوز أن يقال رمضان من غير ذكر الشهر بلا كراهة، وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب، قالت طائفة: لا يقال رمضان على انفراده بحال وإنما يقال شهر رمضان هذا قول أصحاب مالك، وزعم هؤلاء أن رمضان اسم من أسماء الله تعالى فلا يطلق على غيره إلا بقيد. وقال أكثر أصحابنا وابن الباقلاني إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا كراهة وإلا فيكره، قالوا: فيقال صمنا رمضان قمنا رمضان. والمذهب الثالث مذهب البخاري والمحققين أنه لا كراهة في إطلاق رمضان بقرينة وبغير قرينة، وهذا المذهب هو الصواب والمذهبان الأولان فاسدان لأن الكراهة إنما تثبت بنهي الشرع ولم يثبت فيه نهي. وقولهم أنه
¥