[ماصحة هذين الأثرين؟]
ـ[أحمد بن فارس]ــــــــ[13 - 04 - 07, 04:57 م]ـ
الأول: مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَامَ إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ.
الثاني:عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ إنِّي لِأَذْكُرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَفْتَتِحُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَيَدْخُلُ النَّاسُ وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ مَعَهُ.
وجزاكم الله خيرا ..
ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[14 - 04 - 07, 08:26 ص]ـ
الحمد لله، وبعد، فهذا تخريج للأثرين المذكورين في سؤال أحمد بن فارس.
1 - أما الأثر الأول فهو أثر يحتمل الصحة عن ابن مسعود، أخرجه أبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 57) قال: حدثنا ابن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن ابن مسعود وأبا موسى خرجا من عند سعيد بن العاص فأقيمت الصلاة فركع بن مسعود ركعتين ثم دخل مع القوم في الصلاة وأما أبو موسى فدخل في الصف".
وهو إسناد ظاهره الصحة، ومطرف بن طريف الحارثي ثقة، إلا أنه خالفه عن أبي إسحاق ثلاثة وهم الثوري ومعمر وزهير بن معاوية فجعلوا بدلا من حارثة بن مضرب عبد الله بن أبي موسى، أخرج رواية الثوري ومعمر عبد الرزاق في مصنفه (2/ 444) وسقط من المطبوع ذكر الثوري، وأخرجه من طريق عبد الرزاق الطبراني في المعجم الكبير (9/ 277) عن الثوري ومعمر كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد الله بن أبي موسى قال جاءنا ابن مسعود والإمام يصلي الفجر فصلى ركعتين إلى سارية ولم يكن صلى ركعتي الفجر، وأما رواية زهير ففيها زيادة رجل بين ابن مسعود وعبد الله بن أبي موسى، وهو أبو موسى الأشعري، حيث قال الطبراني في الكبير (9/ 277): حدثنا محمد بن النضر الأزدي ثنا معاوية بن عمرو ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن عبد الله بن أبي موسى عن أبيه قال: "أقيمت الصلاة فتقدم عبد الله إلى المسجد فصلى ركعتين ثم دخل المسجد".
وأصل هذه الرواية ما أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الاثار (10/ 319 - 320) قال حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني حدثنا عبد الرحمن بن زياد حدثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق حدثنا عبد الله بن أبي موسى عن أبيه: "حين دعاهم سعيد بن العاص دعا أبا موسى وحذيفة وعبد الله بن مسعود قبل أن يصلي الغداة فسألهم كيف تصلى صلاة العيد فأجابه عبد الله بما أجابه به فيه ثم خرجوا من عنده وقد أقيمت الصلاة فجلس عبد الله إلى أسطوانة من المسجد فصلى الركعتين ثم دخل في الصلاة".
وقد أخرج الأثر من غير ذكر ركعتي الفجر أبو بكر ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 494) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي موسى وعن حماد عن إبراهيم أن أميرا من أمراء الكوفة قال سفيان أحدهما سعيد بن العاص وقال الآخر الوليد بن عقبة بعث إلى عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن قيس فقال إن هذا العيد قد حضر فما ترون فأسندوا أمرهم إلى عبد الله فقال يكبر تسعا تكبيرة يفتتح بها الصلاة ثم يكبر ثلاثا ثم يقرأ سورة ثم يكبر ثم يركع ثم يقوم فيقرأ سورة ثم يكبر أربعا يركع بأحداهن".
وأخرجها كذلك الطبراني في الكبير (9/ 304) بسنده الماضي في ذكر الركعتين فقال: حدثنا محمد بن النضر الأزدي ثنا معاوية بن عمرو ثنا زهير ثنا أبو إسحاق ثنا عبد الله بن أبي موسى عن أبيه: "حين دعا بهم سعيد بن العاص دعى أبا موسى وحذيفة وعبد الله بن مسعود عند الفجر قبل أن يصلي الغداة فسألهم عن التكبير يوم العيد فقال حذيفة سل الأشعري فقال الأشعري سل عبد الله فإنه أعلمنا وأقدمنا فسأله فقال تفتح بأربع وتختم بأربع وتكبر واحدة ثم تضيف إليها ثلاثا ثم تكبر فتركع فإذا رفعت من السجدة قرأت ثم كبرت أربعا ثم تركع".
قال مقيده - عفا الله عنه -: فهذا الأثر فيما أحسب ثابت عن عبد الله بن أبي موسى، وزيادة زهير ذكر أبي موسى الأشعري في الإسناد بعد عبد الله بن أبي موسى زيادة ثقة، إلا أنني لا أعرف من أولاد أبي موسى الأشعري من يسمي عبد الله كأبيه، وأما رواية مطرف بن طريف بذكر حارثة بن مضرب بدلا من عبد الله بن أبي موسى فمحتمل لسعة رواية أبي إسحاق، إلا أنه يضعفها ثلاثة أمور؛
أولها: أن رواية الجماعة أولى من رواية الواحد.
وثانيها: أن حارثة ثقة ورواية أبي إسحاق عنه كثيرة، بخلاف عبد الله بن أبي موسى فليس هو معروفاً في غير هذه الرواية، واشتهار الرواية عن أبي إسحاق بالطريق النادر يعل به غرابة الطريق المشهور.
ثالثها: أن حجاج بن أرطاة قد أرسل هذا الأثر عن أبي إسحاق، فيما أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 284) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة أنا الحجاج عن أبي إسحاق أن الوليد بن عقبة بعث إلى حذيفة وابن مسعود يسألهما عن الصلاة يوم العيد فأقيمت صلاة الفجر فقام ابن مسعود خلف سارية فصلى ركعتين ثم دخل معهم".
وهذا الإرسال يحتمل أن يكون من أبي إسحاق، ويحتمل أن يكون من حجاج، وعلى كلا الاحتمالين فإنه يضعف الرواية المسندة، لأن إرسال المحدث للحديث تارة وإسناده أخرى يجعل الحديث محتملاً للانقطاع، هذا إن كان الإرسال من أبي إسحاق، وإن كان من حجاج فهو يقوي احتمال كون الحديث عن عبد الله بن أبي موسى لا عن حارثة، لأن حجاج بن أرطاة ليس من الحفاظ، ووجود اسم عبد الله بن أبي موسى في الإسناد غريب لا يسهل حفظه على مثله، بخلاف حارثة بن مضرب فهو معروف ورواية أبي إسحاق عنه مشهورة.
2 - وأما الأثر الثاني فلم أجده بذكر أن ذلك وقع في عهد أبي بكر، بل في عهد عمر، وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 57)، بإسناد ظاهره الصحة قال: حدثنا أبو أسامة عن عثمان بن غياث قال حدثني أبو عثمان قال رأيت الرجل يجيء وعمر بن الخطاب في صلاة الفجر فيصلي الركعتين في جانب المسجد ثم يدخل مع القوم في صلاتهم".
3 - وفي الباب خلاف هذين الأثرين أحاديث مرفوعة صحيحة، بعضها في الصحيحين وبعضها في مسلم، والله الموفق.
¥