وفيك بارك الله أخي الكريم.
وكتاب د. المحمدي من الكتب المفيدة والجريئة في الطرح، ولكنني أظنه يبحث في المسألة التي أشرتُ إليها بقولي:
ولستُ هنا بصدد الكلام عن أحوال الزيادة من حيث القبول والرد، والمناهج المختلفة في ذلك، فإن لذلك مجالاتٍ أخرى
وفقك الله.
---
المثال الثاني:
أخرج أبو داود الطيالسي (ص317) وأحمد (2/ 480) والطحاوي في شرح المعاني (1/ 21) وابن عبد البر في التمهيد (18/ 267) من طريق شعبة،
وابن راهويه في مسنده (257) - وعنه النسائي في الكبرى (9797) - وابن أبي شيبة (1829) - وعنه ابن ماجه (363) - وأحمد (2/ 253، 424) وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 95) من طريق أبي معاوية،
وابن أبي شيبة (36243) عن أبي أسامة حماد بن أسامة،
وابن راهويه (256) عن جرير،
ومسلم (279) من طريق إسماعيل بن زكريا،
والدارقطني (1/ 63) من طريق عبد الواحد بن زياد،
والطبراني في الأوسط (7644) والصغير (942) من طريق أبان بن تغلب، وفي الصغير (256) من طريق عبد الرحمن بن حميد،
وأخرج مسلم (279) والنسائي في الصغرى (1/ 53، 176) والكبرى (65) والبيهقي (1/ 239، 256) من طريق علي بن حجر، وابن الجارود (51) وابن خزيمة (98) - وعنه ابن حبان (1296) - والدارقطني (1/ 64) من طريق إسماعيل بن الخليل، وأبو عوانة في مسنده (538) من طريق عبد الله بن محمد الكرماني، والبيهقي (1/ 18) من طريق منجاب بن الحارث، أربعتهم عن علي بن مسهر،
ثمانيتهم - شعبة وأبو معاوية وأبو أسامة وجرير وإسماعيل بن زكريا وعبد الواحد بن زياد وأبان بن تغلب وعبد الرحمن بن حميد - عن الأعمش، عن أبي صالح وأبي رزين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات"، وبعضهم يذكر أبا صالح وحده، وآخرون أبا رزين وحده، وجمعهما قومٌ، وزاد بعضهم ألفاظًا أخرى في غير تطهير الإناء.
وقد انفرد علي بن مسهر في روايته بزيادة لفظ الإراقة؛ قال: "فليرقه، ثم ليغسله ... "، وفي ألفاظ: "فليهرقه".
الخلاصة:
روى علي بن مسهر هذا الحديث بزيادة الإراقة، وعلي ثقة، فُضّل على أبي معاوية الضرير - على حفظ أبي معاوية -، ولكن خالفه:
1 - شعبة بن الحجاج،
2 - وأبو معاوية الضرير،
3 - وأبو أسامة حماد بن أسامة،
4 - وجرير بن عبد الحميد،
5 - وإسماعيل بن زكريا،
6 - وعبد الواحد بن زياد،
7 - وأبان بن تغلب،
8 - وعبد الرحمن بن حميد،
وهؤلاء بين ثقة ثبت حافظ وثقة وصدوق.
ولما كان ذلك كذلك؛ خطَّأ الأئمة عليَّ بن مسهر في هذه الزيادة:
1 - فأخرج روايتَهُ مسلمٌ، ثم أتبعها مباشرة برواية إسماعيل بن زكريا، وقال: "ولم يقل: (فليرقه) "، فأشار مسلم بهذا إلى خطأ علي بن مسهر بهذه الزيادة، وأنه مُخالَفٌ فيها،
2 - وقال النسائي: "لا أعلم أحدًا تابع علي بن مسهر على قوله: (فليرقه) "، وهذه إشارة من النسائي إلى خطئه في تفرده هذا،
3 - قال ابن حجر في الفتح (1/ 275): (وقال حمزة الكناني: "إنها غير محفوظة")،
4 - وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 23): (وقال ابن منده: تفرد بذكر الإراقة فيه عليُّ بن مسهر، ولا يُعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجهٍ من الوجوه إلا من روايته")،
5 - وقال ابن عبد البر في معرض الردّ على من احتج بهذه الزيادة: "أما هذا اللفظ في حديث الأعمش: (فليهرقه)؛ فلم يذكره أصحاب الأعمش الثقات الحفاظ؛ مثل شعبة وغيره".
النظر في حال الزيادة:
هذه الزيادة زيادة في متن الحديث، وليست منافيةً لمعنى أصل الحديث من أي وجه، فالأصل فيه الأمر بغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب، وفي هذه الزيادة الأمر بإراقة الإناء ثم غسله، ويظهر عدم التنافي من أن الغَسْل موجود في الأصل وفي رواية الزيادة.
النتيجة:
خطَّأ غير واحد من الأئمة المتقدمين أحد الثقات في زيادته زيادةً ليس فيها منافاة لمعنى أصل الحديث، وهذا دليلٌ أكيد على عدم اشتراط المنافاة لِرَدِّ زيادات الثقات عندهم.
ولو كانت المنافاة مشترطة؛ لما قال حمزة في الزيادة: "غير محفوظة"، ولَمَا ردّ ابن عبد البر الاستدلال بها بتفرد راويها، ولَمَا أشار غيرهما إلى خطأ راويها إذ تفرد بها.
يتبع - بإذن الله -.
ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[25 - 03 - 07, 11:22 م]ـ
أريد بيان أمرٍ تتابع عليه جمعٌ من المتأخرين؛ ثم عامة المعاصرين، في ردّ زيادة الثقة.
وذلك أنهم اشترطوا لردِّ زيادة الثقة: كونها منافية لمعنى أصل الحديث، حيث تتعارض الزيادة التي زادها الثقة مع أصل الحديث الذي رواه من لم يذكر تلك الزيادة، وهذه الحال التي يُلجأ حينها - عندهم - إلى الترجيح في الزيادة. وأما حيث لا تنافي؛ فإن الزيادة مقبولة، ويُجمع بينها وبين أصل الحديث.
أخي الحبيب: أولا: لم يقل احد من المحدثين المتقدمين برد زيادة الثقة مطلقا أو قبولها مطلقا،بل ذهبوا الى التفصيل في ذلك .. وهو ما رجحه الحافظ في النكت.
ثانيا: ولم يشترط احد من أهل الحديث من المتأخرين والمعاصرين عدم المنافاة فقط لرد الزيادة من الثقة،بل ذكروه شرطا من الشروط الأخرى،وقد ناقشهم الحافظ ابن حجر في النكت وبين مخالفة من شرط عدم المنافاة مع القول بالقبول مطلقا.
ثالثا: ذهب جمهور النقاد المتأخرين الى متابعة المتقدمين في مفهوم الزيادة ........
أما القول بقبولها مطلقا فهو قول أهل الفقه والأصول،والله أعلم
بل اقول إن كثيرا من الزيادات التي قبلها المتأخرون انما هي من قبيل الشذوذ والنكارة .........
وقد فصلنا القول في كتابنا الشاذ والمنكر وزيادة الثقة.
وأما عن قول اخي الفاضل ابن القطان العراقي
فانا لست أول من قال ولست سوى طويلب علم أمام جهابذة العلم كالشيخ الالباني رحمه الله والشيخ عبد الله السعد والشيخ الدكتور حمزة المليباري، والشيخ العوني وغيرهم من جهابذة العلم من المعاصرين حفظهم الله ومتعنا بهم.
أخوكم
خادم السنة: الدكتور عبد القادر المحمدي
¥