تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما على الرأي المشهور من تحديد معنى المنافاة عند الأصوليين والفقهاء وكثير من المتأخرين فالقول ما ذكرتم بارك الله فيكم ونحن بانتظار المزيد وجزيتم خيراً.

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[31 - 05 - 07, 12:42 ص]ـ

بارك الله فيكم شيخنا الكريم أبا حازم.

وكلامكم نفيس ومهم.

وهو - في ظني - مما يُلزَمُ به من يُعِلّ وصل الثقة في الإسناد بإرسال الأكثر أو الأوثق، ولا يُعل زيادته في المتن بنقصانهم لعدم المنافاة من جهة المعنى.

وقد أنكر بعض المتأخرين كون المقصود بالمخالفة: أن يزيد الثقة وينقص غيره، وزعم أن المخالفة إنما هي المنافاة المعنوية، وستأتي مناقشة كلامه هذا وغيره - إن شاء الله تعالى -.

وفقكم الله وسددكم، وشكر لكم تشجيعكم.

المثال الخامس:

أخرج أبو داود في سننه (333) من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر قال: دخلت في الإسلام، فأهمني ديني، فأتيت أبا ذر، فقال أبو ذر: إني اجتويت المدينة، فأمر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذود وبغنم، فقال لي: "اشرب من ألبانها "، قال حماد: (وأشك في "أبوالها" فقال أبو ذر: فكنت أعزب عن الماء، ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة، فأصلي بغير طهور، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنصف النهار، وهو في رهط من أصحابه، وهو في ظل المسجد، فقال "أبو ذر؟ "، فقلت: نعم، هلكت يا رسول الله، قال: "وما أهلكك؟ "، قلت: إني كنت أعزب عن الماء، ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة، فأصلي بغير طهور، فأمر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فجاءت به جارية سوداء بعس يتخضخض، ما هو بملآن، فتسترت إلى بعيري فاغتسلت، ثم جئت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر إن الصعيد الطيب طهور وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك".

قال أبو داود: "رواه حماد بن زيد عن أيوب لم يذكر (أبوالها) ".

فأبو داود يشير إلى أن حماد بن زيد خالف حماد بن سلمة، فزاد حماد بن سلمة كلمة: "وأبوالها"، ولم يذكرها حماد بن زيد.

وصرّح أبو داود بحكمه في هذه الزيادة، فقال - عقب ما سبق -: "هذا ليس بصحيح"، وقال - كما في سؤالات الآجري (1/ 402) -: "حماد بن سلمة وَهِمَ فيه، زاد فيه: (وأبوالها) ".

حال الزيادة:

يرى الناظر أن كلمة: "وأبوالها" لا تنافي أصل الحديث في المعنى، ومع ذلك ردها هذا الإمام، ووهّم الذي زادها (وهو حماد بن سلمة)، مع أنه معدود في الثقات الحفاظ، وذلك بالقرائن التي أحاطت بزيادة حماد بن سلمة فدلّت على خطئه في هذه الزيادة.

النتيجة:

لم يشترط أبو داود المنافاة في رد الزيادة، وإلا لكان قال: إن هذه الزيادة لا تنافي أصل الحديث، وزيادة الثقة مقبولة، كما يقول مثل ذلك كثير من المتأخرين والمعاصرين!

المثال السادس:

أخرج عبد الرزاق (1688) - ومن طريقه الطبراني في الكبير (8165)

وابن أبي شيبة (7453) - وعنه ابن ماجه (1021) - عن وكيع،

والحاكم (941) من طريق إبراهيم بن أبي الليث عن الأشجعي،

والبيهقي (2/ 292) من طريق الحسين بن حفص،

وأخرج أحمد (6/ 396) والترمذي (571) والنسائي (2/ 52) وابن خزيمة (876) من طريق يحيى بن سعيد القطان،

خمستهم - عبد الرزاق ووكيع والأشجعي والحسين بن حفص ويحيى القطان - عن سفيان الثوري، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن طارق بن عبد الله المحاربي قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صليت فلا تبزق بين يديك ولا عن يمينك، ولكن ابزق عن يسارك أو تحت قدمك"، هذا لفظ وكيع.

وقد زاد يحيى بن سعيد القطان البزق خلف المصلي، قال: "وابصق خلفك وعن شمالك ... ".

قال الحافظ ابن رجب في الفتح (3/ 130، 131): "وقد أنكر الإمام أحمد هذه اللفظة في هذا الحديث، وهي قوله: (خلفك)، وقال: لم يقل ذلك وكيع ولا عبد الرزاق.

قال الدارقطني: هي وهم من يحيى بن سعيد، ولم يذكرها جماعة من الحفاظ من أصحاب سفيان، وكذلك رواه أصحاب منصور عنه، لم يقل أحد منهم: (ابزق خلفك) " ا. هـ، وكلمة الإمام أحمد قالها بعقب إخراجه الرواية في مسنده.

حال الزيادة:

لا تنافي هذه الزيادة التي زادها القطان ما عليه رواية الرواة الآخرين، فإنهم جميعًا اتفقوا في لفظهم، ولكن يحيى بن سعيد انفرد عنهم بهذه الزيادة.

النتيجة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير