تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال البيهقي: «ضعف شيخنا أبو عبد الله الحافظ - رحمه الله - هذه اللفظة: " وأهلكت "، وحملها على أنها أدخلت على محمد بن المسيب الأرغياني، فقد رواه أبو علي الحافظ عن محمد بن المسيب بالإسناد الأول دون هذه اللفظة، ورواه العباس بن الوليد عن عقبة بن علقمة دون هذه اللفظة، ورواه دحيم وغيره عن الوليد بن مسلم دونها، ورواه كافة أصحاب الأوزاعي عن الأوزاعي دونها، ولم يذكرها أحد من أصحاب الزهري عن الزهري، إلا ما روي عن أبي ثور عن معلى بن منصور عن سفيان بن عيينة عن الزهري، وكان شيخنا يستدل على كونها في تلك الرواية أيضًا خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن منصور بخط مشهور، فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة، وأن كافة أصحاب سفيان رووه عنه دونها».

8 - قال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود (1/ 295): «أما حديث سلمة، فالصحيح فيه الاقتصار على ذكر الجنابة دون الحيض، وليست لفظة الحيضة فيه محفوظة، فإن هذا الحديث رواه أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وعمرو الناقد وابن أبي عمر، كلهم عن ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، فأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: لا. ذكره مسلم عنهم.

وكذلك رواه عمرو الناقد عن يزيد بن هارون عن الثوري عن أيوب بن موسى، ورواه عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن الثوري عن أيوب، وقال: أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ قال مسلم: وحدثنيه أحمد الدارمي، أخبرنا زكريا بن عدي، أخبرنا يزيد - يعني: ابن زريع -، عن روح بن القاسم، قال: حدثنا أيوب بهذا الإسناد، وقال: أفأحله وأغسله من الجنابة؟ ولم يذكر الحيضة.

فقد اتفق ابن عيينة وروح بن القاسم عن أيوب فاقتصر على الجنابة،

واختلف فيه عن الثوري، فقال يزيد بن هارون عنه كما قال ابن عيينة وروح، وقال عبد الرزاق عنه: أفأنقضه للحيضة والجنابة؟

ورواية الجماعة أولى بالصواب، فلو أن الثوري لم يختلف عليه لترجحت رواية ابن عيينة وروح، فكيف وقد روى عنه يزيد بن هارون مثل رواية الجماعة؟!

ومن أعطى النظر حقه علم أن هذه اللفظة ليست محفوظة في الحديث».

9 - وقال - أي: ابن القيم - في تهذيب السنن (7/ 19) في التعليق على حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أفطر في رمضان ... ، فأتي بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعًا، وقال فيه: " كله أنت وأهل بيتك، وصم يومًا، واستغفر الله ")، قال - وكلامه نفيسٌ غاية -:

«هذه الزيادة (وهي الأمر بالصوم) قد طعن فيها غير واحد من الحفاظ، قال عبد الحق: وطريق حديث مسلم أصح وأشهر، وليس فيها: " صم يومًا "، ولا تكميله [كذا] التمر، ولا الاستغفار، وإنما يصح حديث القضاء مرسلاً، وكذلك ذكره مالك في الموطأ، وهو من مراسيل سعيد بن المسيب، رواه مالك عن عطاء بن عبد الله الخراساني عن سعيد بالقصة، وقال: " كله وصم يومًا مكان ما أصبت ".

والذي أنكره الحفاظ ذكر هذه اللفظة في حديث الزهري، فإن أصحابه الأثبات الثقات؛ كيونس وعقيل ومالك والليث بن سعد وشعيب ومعمر وعبد الرحمن بن خالد= لم يذكر أحد منهم هذه اللفظة، وإنما ذكرها الضعفاء عنه؛ كهشام بن سعد وصالح بن أبي الأخضر وأضرابهما.

وقال الدارقطني: رواتها ثقات، رواه ابن أبي أويس عن الزهري، وتابعه عبد الجبار بن عمر عنه، وتابعه أيضًا هشام بن سعد عنه. قال: وكلهم ثقات.

وهذا لا يفيد صحة هذه اللفظة، فإن هؤلاء إنما هم أربعة، وقد خالفهم من هو أوثق منهم وأكثر عددًا وهم أربعون نفسًا، لم يذكر أحدٌ منهم هذه اللفظة، ولا ريب أن التعليل بدون هذا مؤثر في صحتها، ولو انفرد بهذه اللفظة من هو أحفظ منهم وأوثق، وخالفهم هذا العدد الكثير، لوجب التوقف فيها، وثقة الراوي شرط في صحة الحديث لا موجبة، بل لا بد من انتفاء العلة والشذوذ، وهما غير منتفيين في هذه اللفظة».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير