تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

10 - أخرج البخاري (664) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال الأسود: كنا عند عائشة - رضي الله عنها -، فذكرنا المواظبة على الصلاة، والتعظيم لها، قالت: لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة، فأذن، فقال: " مروا أبا بكر فليصل بالناس "، فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف، إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، وأعاد، فأعادوا له، فأعاد الثالثة، فقال: " إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس "، فخرج أبو بكر، فصلى، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفة، فخرج يتهادى بين رجلين، كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخر، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مكانك، ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه.

قيل للأعمش: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته والناس يصلون بصلاة أبي بكر؟ فقال برأسه: نعم.

رواه أبو داود عن شعبة عن الأعمش بعضه.

وزاد أبو معاوية: جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو يصلي قائمًا.

قال ابن رجب في الفتح (6/ 70، 71) معلِّقًا: «وليس في هذه الرواية تعيين الجانب الذي أجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه من أَبي بكر: هل هو جانبه الأيمن أو الأيسر؟ وقد ذكر البخاري أن أبا معاوية زاد في حديثه عن الأعمش: " فجلس عن يسار أبي بكر "، وقد خرج البخاري فيما بعد عن قتيبة، عن أبي معاوية كذلك ....

وخرجه مسلم من رواية وكيع وأبي معاوية، كلاهما عن الأعمش، وفي حديث أبي معاوية عنده: فجاء رسول الله حتى جلس عن يسار أبي بكر ...

وأما ذكر جلوسه عن يسار أبي بكر، فتفرد بذلك أبو معاوية عن الأعمش، وأبو معاوية وإن كان حافظًا لحديث الأعمش خصوصًا، إلا أن ترك أصحاب الأعمش لهذه اللفظة عنه توقع الريبة فيها، حتى قال الحافظ أبو بكر ابن مفوّز المعافري: إنها غير محفوظة، وحكاه عن غيره من العلماء».

11 - قال ابن حجر في الفتح (2/ 265): «فائدة: وقع في أمالي الجرجاني عن أبي العباس الأصم عن بحر بن نصر عن ابن وهب عن يونس في آخر هذا الحديث: (وما تأخر)، وهي زيادة شاذة فقد رواه ابن الجارود في المنتقى عن بحر بن نصر بدونها، وكذا رواه مسلم عن حرملة، وابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن ابن وهب، وكذلك في جميع الطرق عن أبي هريرة، إلا أني وجدته في بعض النسخ من ابن ماجه عن هشام بن عمار وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن تبن عيينة بإثباتها، ولا يصح؛ لأن أبا بكر قد رواه في مسنده ومصنفه بدونها، وكذلك حفاظ أصحاب ابن عيينة: الحميدي وابن المديني وغيرهما».

تنبيه: قد يأتي من كلام ابن حجر ما يرد تصرفه المنقول هذا، وذلك شيءٌ مما يُذكر عنه - رحمه الله - أنه قد يوافق الأئمة في التطبيق، إلا أنه قد يخالفهم في التنظير، ونَفَسُهُ في التطبيق أقوى منه في التنظير، وهو يوافق الأئمة في مواضع دون مواضع، والله أعلم.

والأمثلة كثيرة، وإنما أردتُ تسليط الضوء على بُعْد هذا الشرط المشترط غاية البُعد عن منهج أئمة الحديث ونقّاده، الذين منهم يؤخذ هذا العلم، وعلى نهجهم فيه يُسار.

وهذا الشرط أدخله من أدخله في علم الحديث متأثرًا بكلام الأصوليين والفقهاء، وتابعه - إن لم يكن: قلّده! - كثير من المتأخرين والمعاصرين، دون تمحيص ونظر، ويأتي بيان ذلك.

والعجب أنهم مع ذلك يقولون في تعريف الشاذ: ما رواه المقبول مخالفًا لمن هو أقوى منه، ويعلّون بذلك بعض الروايات المرفوعة بالروايات الموقوفة، مع أن الرفع ما هو إلا زيادة ثقة غير منافية للروايات الأخرى - في التجويزات العقلية التي تقابل فهم المعاني في زيادات المتون -!

فيمكن أن يُجَوَّز أن الراوي وقفه مرة ورفعه مرة، فلا تعارض إذن بين رواية الرواة عنه؛ من وقف ومن رفع!

ثم رأيت الشيخ أبا الحسن مصطفى بن إسماعيل وافق ذلك في إتحاف النبيل (2/ 184، 185).

وهذا كله لا يجري على قواعد الأئمة الكبار، فإنهم لا يشترطون التنافي لرد زيادة الثقة - كما ظهر جليًّا واضحًا -.

بل هاهنا أمرٌ محتملٌ - في نظري، وإن كنت مخطئًا فَلَنَبّهني الإخوة -، هو أن اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات في المتون= لغوٌ ليس خلفه كبير أثر!

وذلك من وجهين:

أحدهما: أن وقوع ذلك قليل أو نادر، ولا أدري هل له مثال واقعي في حديثٍ ما أم لا!

ووافق الشيخ مصطفى بن إسماعيل ذلك فيما رأيتُهُ بعدُ في إتحاف النبيل (1/ 229، 230).

ثانيهما: أنهم يقولون: لا نلجأ إلى الترجيح إلا عند التضارب والتنافي بين الزيادة وأصل الحديث معنىً، وأما عند عدم التنافي فالزيادة مقبولة.

وهذا كلام لا حاجة لذكره، وشرطٌ لا حاجة لاشتراطه، فإن الترجيح لازمٌ - ولا بد - عند وقوع التنافي في متن حديثٍ واحد، فلا يمكن أصلاً أن تقبل زيادة منافية لأصل الحديث! فإن ذلك من نسبة التضارب والتناقض إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو عنه منزَّه.

فما دام التنافي واقعًا، فلا محيص عن الترجيح: إما أصل الحديث، وإما الزيادة.

وهذا يبين متانة علم الأئمة المتقدمين وقوة نظرهم ودقيق فحصهم، فإنهم لم يشترطوا هذا الشرط الذي لا تقوم قائمته عند النظر الصحيح.

يتبع - بحول الله -: بيان نسبة عدم اشتراط المنافاة إلى أكثر المحدثين عامة، وإلى بعضهم خاصة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير