تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[16 - 08 - 07, 12:48 ص]ـ

اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات في المتون= لغوٌ ليس خلفه كبير أثر!

وذلك من وجهين:

أحدهما: أن وقوع ذلك قليل أو نادر، ولا أدري هل له مثال واقعي في حديثٍ ما أم لا!

ووافق الشيخ مصطفى بن إسماعيل ذلك فيما رأيتُهُ بعدُ في إتحاف النبيل (1/ 229، 230).

ومن لازم هذا أن يكون اشتراط المنافاة عودةً بالحكم على زيادة الثقة إلى القبول المطلق، إذ إن الزيادات المنافية قليلة جدًّا أو نادرة، وسائر الزيادات مقبولة لعدم المنافاة! فعادت الزيادة مقبولة مطلقًا؛ عدا مواضع نادرة لم يوقَف على شيء منها!

بيان نسبة عدم اشتراط المنافاة إلى أكثر المحدثين عامة، وإلى بعضهم خاصة:

أخرج مسلم في صحيحه (465) قال: حدثني محمد بن عباد، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن جابر، قال: كان معاذ يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يأتي فيؤم قومه، فصلى ليلة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم أتى قومه فأمهم، فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل، فسلّم، ثم صلى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله، ولآتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأخبرنه. فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنا أصحاب نواضح، نعمل بالنهار، وإن معاذًا صلى معك العشاء، ثم أتى فافتتح بسورة البقرة. فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معاذ، فقال: " يا معاذ، أفتان أنت؟ اقرأ بكذا واقرأ بكذا " ...

وأخرجه البيهقي (3/ 85) من طريق محمد بن عباد، ثم قال: «لم يقل أحد في هذا الحديث: " وسلم " إلا محمد بن عباد ... ».

قال النووي في المجموع (4/ 246): « ... وقد أشار البيهقي إلى الجواب عن هذا الإشكال، فقال: لا أدري هل حُفظت هذه الزيادة التي في مسلم؛ لكثرة من روى هذا الحديث عن سفيان دون هذه الزيادة، وإنما انفرد بها محمد بن عباد عن سفيان.

وهذا الجواب فيه نظر، لأنه قد تقرر وعُلم أن المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور من أصحاب الحديث والفقه والأصول: قبول زيادة الثقة،

لكن يعتضد قولُ البيهقي بما قررناه في علوم الحديث أن أكثر المحدثين يجعلون مثل هذه الزيادة شاذًّا ضعيفًا مردودًا، فالشاذ عندهم أن يرووا ما لا يرويه سائر الثقات، سواء خالفهم أم لا. ومذهب الشافعي وطائفة من علماء الحجاز: أن الشاذ ما يخالف الثقات، أما ما لا يخالفهم فليس بشاذ، بل يحتج به، وهذا هو الصحيح وقول المحققين».

فقد أبان النووي - رحمه الله - أن مذهب أكثر المحدثين: الحكم بشذوذ اللفظة التي زادها ثقة من بين ثقات، بغضِّ النظر عن كونها موافقة لما رواه أولئك الثقات أو مخالفة.

وهذا هو ذاتُهُ: عدم اشتراط المنافاة في ردِّ زيادات الثقات.

وإن كان النووي قد اختار مع ذلك خلاف هذا المذهب، ونسبه إلى جمهور المحدثين والفقهاء والأصوليين، وهذا يبيِّن أن اشتراط المنافاة إنما كان مذهبًا للفقهاء والأصوليين، ووافقهم عليه من وافقهم من أهل الحديث، فاشترطه كذلك. وأما أكثر المحدثين، وهم عامة المتقدمين النقاد؛ فإنهم لا ينظرون إلى المنافاة، وهذا موافق لما بينته الأمثلة التي سُردت في هذا الموضوع. والحمد لله على توفيقه.

وقد بيّن الإمام ابن رجب أن الإمام أحمد بن حنبل لم يشترط المنافاة والمخالفة في رد زيادة الثقة، ونفى نسبة اشتراط المنافاة إلى الشافعي، قال في شرح العلل (2/ 632 - 637) - وأنقل كلامه بطوله، فإنه نفيس ومهم -:

«وقال أحمد أيضًا في حديث ابن فضيل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية عن عائشة في تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر فيها: " والملك لك، لا شريك لك " = قال أحمد: " وهم ابن فضيل في هذه الزيادة، ولا تعرف هذه عن عائشة، إنما تعرف عن ابن عمر "، وذكر أن أبا معاوية روى الحديث عن الأعمش بدونها، وخرجه البخاري بدونها أيضاً من طريق الثوري عن الأعمش، وقال: " تابعه أبو معاوية ". قال الخلال: " أبو عبد الله لا يعبأ بمن خالف أبا معاوية في الأعمش، إلا أن يكون الثوري "، وذكر أن هذه الزيادة رواها ابن نمير وغيره أيضًا عن الأعمش.

وكذلك قال أحمد في رواية الميموني: " حديث أبي هريرة في الاستسعاء يرويه ابن أبي عروبة، وأما شعبة وهمام فلم يذكراه، ولا أذهب إلى الاستسعاء ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير